للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لما سمع برسول الله - صلى الله عليه وسلم - جلس يصلح سلاحه، فقالت له امرأته لمن تعد هذا؟ قال: لمحمد وأصحابه، فإني أرجو أن أخدمك منهم خادمًا فإنك إليه محتاجة. قالت (ناصحة بأن لا يقاتل): ويحك لا تفعل ولا تقاتل محمدًا، والله ليضلن هذا عنك لو رأيت محمدًا وأصحابه، قال: سترين (١).

وقد اشترك حماس بن قيس فعلًا في القتال ضد خالد بن الوليد إلى جانب المقاومين في الخندمة. ولكنه عاد إلى منزله وهو يرتعد من الخوف فسخرت منه امرأته قائلة: أين الخادمة؟

قالوا، وأقبل حماس بن خالد منهزمًا حتى أتى بيته فدقه ففتحت امرأته فدخل، وقد ذهبت روحه، فقالت: أين الخادم الذي وعدتنى؟ ما زلت منتظرتك منذ اليوم، تسخر به. قال: دعى عنك أغلقى بابى فإنه من أغلق بابه فهو آمن، قالت: ويحك ألم أنهَك عن مقاومة محمد؟ قلت لك: "ما رأيته يقاتلكم مرة إلّا ظهر عليكم" وما بابنا؟ قال: إنه لا يفتح على أحد بابه. ثم قال شعرًا.

وأنت لو شهدتنا بالخندمة ... إذ فر صفوان وفر عكرمة

وأبو يزيد كالعجوز المؤتمة (٢) ... إذ يلحقونا بالسيوف المسلمة

يَقطعن كلَّ ساعد وجمجمة ... ضربًا فلا يُسمع إلَّا غمغمة

لهم زئير خلفنا وهَمهَمة ... لم تنطقى في اللوم أدنى كلمة (٣)

وهكذا فالناحية الوحيدة التي حدث فيها اشتباك دام هي الناحية الجنوبية من مكة، والتي منها دخل القائد خالد بن الوليد الذي اضطر إلى القتال.


(١) مغازي الواقدي ج ٢ ص ٢٨٣.
(٢) المؤتمة. قال في شرح أبي ذر هي المرأة التي قتل زوجها فبقى لها أيتام.
(٣) سيرة ابن هشام ج ٤ ص ٥٠ ومغازي الواقدي ج ٢ ص ٨٢٧ والبداية والهاية ج ٤ ص ٢٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>