للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

متجه نحو البيت بحيث يراه (١).

وهناك - والرسول على الصفا - ساورت الأنصار المخاوف وخشوا أن يقيم في مكة ويتحول عن المدينة، فقالوا فيما بينهم .. أمَّا الرجل يعني النبي - صلى الله عليه وسلم - فأدركته رغبة في قريته ورأفة بعشيرته (٢). أترون رسول الله إذْ فتح الله عليه أرضه وبلده يقيم بها (٣)؟

ولا شك أن باعث هذا القول من الأنصار هو شدة المحبة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحرصهم على أن يعيش بينهم طول حياته.

وقد علم الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن طريق الوحى - بما قاله الأنصار بعضهم لبعض، فطمأنهم بأن المحيا محياهم والممات مماتهم. وأنه لن يفارقهم ما دام حيا.

فقد روى الإِمام أحمد في مسنده عن أبي هريرة أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - وقف على الصفا فعلاه بحيث ينظر إلى البيت، فرفع يديه فجعل يذكر الله بما شاء أن يذكره ويدعوه، قال والأنصار تحت، قال، يقول بعضهم لبعض .. أمَّا الرجل فأدركته رغبة في قريته ورأفة بعشيرته. وجاء الوحى وكان إذا جاء لم يخف علينا، فليمر أحد من الناس يرفع طرفه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى يقضى، قال هاشم فلما قضى الوحى رفع رأسه ثم قال .. "يا معشر الأنصار أقلتم أما الرجل فأدركته رغبة في قريته ورأفة بعشيرته؟ قالوا: قلنا ذلك يا رسول الله. قال: "فما اسمى إذن، كلا إني عبد الله ورسوله هاجرت إلى الله وإليكم فالمحيا محياكم والممات مماتكم" قال فأقبلوا إليه يبكون ويقولون .. والله ما قلنا الذي قلنا إلا الضنّ بالله ورسوله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .. "إن الله ورسوله يصدقانكم ويعذرانكم" وقد رواه مسلم والنسائي من حديث سليمان بن المغيرة (٤).


(١) البداية والنهاية ج ٤ ص ٣٠٧ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٣١٤.
(٢) السيرة الحلبية ج ٢ ص ٢١٤.
(٣) البداية والنهاية ج ٤ ص ٣٠٦.
(٤) البداية والنهاية ج ٤ ص ٣٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>