للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في طلب ابنه عبد الله بن سهيل الملقب (بأبي جندل) وهو صاحب القصة المشهورة يوم الحديبية. كان من السابقين في الإِسلام، وهو من أبطال ثورة العيص. بعث سهيل في طلبه، وعندما حضر طب منه أن يحصل له على أمان يعلمه الناس.

ولنترك سهيل بن عمرو نفسه يحدثنا عن قصته. فقد روى عنه أنه قال: لما دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة وظهر، انقحمت بيتي وأغلقت على بابى، وأرسلت إلى ابنى عبد الله بن سهيل أن اطلب لي جوارًا من محمد، وإني لا آمن أن أقتل، وجعلت أتذكر أثرى عند محمد وأصحابه، فليس أحد أسوأ أثرًا منى، وإني لقيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الحديبية بما لم يلقه أحد، وكنت كاتبته، مع حضورى بدرًا وأحدًا وكلما تحركت قريش كنت فيها.

فذهب عبد الله بن سهيل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، تؤمنه؟ فقال: نعم، هو آمن بأمان الله فليظهر. ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمن حوله: من لقي سهيل بن عمرو فلا يشد النظر إليه، فليخرج فلعمرى إن سهيلًا له عقل وشرف، وما مثل سهيل جهل الإِسلام، ولقد رأى ما كان يوضع فيه أنه لم يكن له بنافع.

فخرج عبد الله إلى أبيه فأخبره بمقالة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال سُهيل: كان والله برًا صغيرًا وكبيرًا. فكان سهيل يقبل ويدبر، وخرج إلى حنين مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو على شركه حتى أسلم "طائعًا مختارًا" بالجعرانة (١).

وكان سهيل بن عمرو راجح العقل حسن الطوية: وروى عن الشافعي أنه قال: كان سهيل محمود الإِسلام من حين أسلم (٢). وقد كان سهيل بن عمرو ضمن جيوش الفتح في الشام ومات هناك مرابطًا بالطاعون (٣).


(١) مغازي الواقدي ج ٢ ص ٨٤٧.
(٢) الإصابة في تمييز الصحابة ج ٢ ص ٩٢.
(٣) انظر ترجمة سهيل بن عمرو في كتابنا (غزوة بدر الكبرى).

<<  <  ج: ص:  >  >>