للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن تتم السيطرة لهم على العاصمة المقدسة.

غير أن وقوع مكة في أيدى المسلمين ألهب نفوس الهوازنيين حنقًا مشوبًا بالخوف من قوة المسلمين التي باتت ترابط على مقربة من حدود ديارهم.

فزادوا من استعدادهم للحرب، وكانوا كما قلنا قبائل وبطونًا كثيرة تسكن مناطق شاسعة من قلب الجزيرة تتخللها جبال شاهقة ووديان سحيقة كلها مواقع استراتيجية تصلح للدفاع.

ولو أن هوازن تحصنت في بلادها وانتظرت وصول الجيش الإسلامي فتقاتله في أراضيها وبين ديارها، لكان ذلك أصلح لهوازن، وأصعب على جيش الإسلام.

وكانت هذه الفكرة من الناحية العسكرية التعبوية فكرة صائبة بالنسبة لهوازن، لأن تنفيذها يجعل مهمة الجيش الإِسلامي المكلف بإنهاء كل وجود وثنى في جزيرة العرب مهمة صعبة للغاية لأنه ليس من السهل (بل من الصعب جدًّا) على جيش الإسلام الصغير (نسبيًا) أن يقاتل عشرات الألوف من هوازن القبائل الشرسة المحاربة في قمم الجبال الشاهقة وبطون الوديان السحيقة وأمام الحصون المنيعة داخل أراضيهم.

هذه حقيقة من الناحية العسكرية لا غبار عليها، فالجيش الإِسلامي لا يزيد على اثنى عشر ألفًا، بينما المحاربون من قبائل هوازن سوف لا يقلون على أربعين ألفًا إذا ما ظلوا مرابطين في بلادهم المنيعة المحصنة، وعلى المسلمين أن ينازلوا هذا العدد الضخم من هؤلاء المحاربين ذوي القدرة القتالية الممتازة التي اشتهروا بها بين العرب، ومنازلتهم أمر صعب على المسلمين سيكلفهم غاليًا إذا ما اضطروا لمهاجة هوازن في ديارها، لا سيما إذا أخذنا بعين الاعتبار مناعة بلادهم وشدة تحصنهم فيها.

وسنرى فيما يأتي من هذا الكتاب، (إن شاء الله) كيف قاومت ثقيف الجيش النبوي (بعد انتصاره في معركة حنين الفاصلة) فلم يتمكن من التغلب على بطن واحد من هوازن، وهم (ثقيف) حيث لم يستطع اقتحام مواقعهم الحصينة التي اعتصموا بها في الطائف ففك الحصار عنهم الذي دام

<<  <  ج: ص:  >  >>