قوة هوازن، فقد فعل مالك بن عوف النصرى ملك هوازن وقائدها نفس الشيء، فبعد أن سبق المسلمين إلى وادي حنين وعسكر به وبعد أن علم بتحركهم من مكة، قرر أبي يبعث برجال من استخباراته العسكرية تستطلع أمر الجيش النبوي وتحمل إليه المعلومات الهامة عن الجيش النبوي التي يحتاج إليها قائد عام جيش هوازن الذي أصبح على أبواب معركة مصيرية حاسمة على نتائجها يتقرر مصير الوثنية بأكملها.
فقد انتخب مالك بن عوف ثلاثة من رجاله وأمرهم بأن يقوموا بمهمة التجسس على جيش المسلمين لمعرفة مدى قوته، فكوّن منهم جهاز استخبارات خاصًّا للقيام بهذه المهمة.
فقد أمر مالك بن عوف هؤلاء الثلاثة بأن يندسوا في معسكر المسلمين، وينقلوا إليه كل ما يحتاج إلى معرفته عن جيش الإسلام.
فقام هؤلاء الثلاثة بتنفيذ أمر ملكهم وقائدهم فتسللوا (متنكرين) حتى وصلوا إلى المعسكر الإسلامي وجاسوا خلاله دون أن يشعر أحد من المسلمين، فعرفوا عن جيش الإسلام ما حل قواهم المعنوية وجعلهم يستيقنون في أنفسهم أن أحدًا (مهما كان) لن يقدر على أن يتغلب على جيش الإسلام الذي رأوا.
لذلك عادوا إلى ملكهم وقائدهم مالك بن عوف فقدموا له عن جيش المسلمين تقريرًا أغضبه، ولم يكتف جهاز استخبارات مالك، بل أسدوا لقائدهم النصح بأن يتجنب الصدام مع المسلمين، وأن يعود بجيشه إلى ديار هوازن دون أن يلتحم بالجيش النبوي، لأن تلك هي الوسيلة الوحيدة التي بها ينجو مالك وينجِّي جيشه من هزيمة ستكون ماحقة لا محالة.
قدم جهاز استخبارات ملك هوازن تقريره ثم نصحه بعدم الصدام عن قناعة بنوها نتيجة لواقع شهدوه ولمسوه، حينما خالطوا المسلمين في معسكرهم بين مكة وحنين حيث رأوا ما أفزعهم وبث الرعب في نفوسهم.
ولكن مالكًا اتهم استخباراته بالجبن فسخر منهم ومن نصائحهم، كلف رجلًا آخر من رجاله بأن يقدم له تقريرًا عن واقع الجيش الإسلامي، وقد ذهب الرجل إلى معسكر المسلمين للاستكشاف ولكنه عاد إلى القائد مالك