للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجهة الخبير العسكري الحباب بن المنذر، غير مناسب لأن يكون معسكرًا لفرض الحصار على حصون ثقيف.

قال الواقدي: ومضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. حتى نزل قريبًا من حصن الطائف، فيضرب عسكره هناك، فساعة حلّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه جاءه الحباب بن المنذر. فقال: يا رسول الله: إنا قد دنونا من الحصن، فإن كان عن أمر سلمنا، وإن كان عن الرأي فالتأخر عن حصنهم، فأسكت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (١).

ولكن الرسول - صلى الله عليه وسلم - عمل في النهاية برأى الحباب بن المنذر، حيث استدعاه وطلب منه (بصفته خبير مجرّب) أن يختار مكانًا صالحًا لأن يعسكر فيه الجيش في مأمن, من سهام العدو. وذلك بعد أن أصيب عدد من جند الإِسلام بجراح من جراء قصف النبال الثقفية.

ولنترك أحد الصحابة الكبار ممن حضر حصار الطائف وهو (عمرو بن أمية الضمرى) (٢) يصف لنا بداية الحصار وتحويل موقع العسكر بمشورة الحباب بن المنذر. قال عمرو: لقد طلع علينا نبلهم ساعة نزلنا شيء الله به عليم. كأنه رِجْل (٣) من جراد، وترّسنا لهم، حتى أصيب ناس من المسلمين بجراحة، ودعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحباب فقال: انظر مكانًا مرتفعًا مستأخرًا عن القوم. فخرج الحباب حتى انتهى إلى موضع مسجد الطائف خارج من القرية. فجاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصحابه أن يتحولوا. قال عمرو بن أمية: إني لأنظر إلى أبي مِحجَن يرمى من فوق الحصين بعشرته (٤) بمعابل (٥) كأنها الرماح، ما يسقط له سهم.

قالوا: وارتفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند مسجد الطائف اليوم، ويصفون خرافة جاهلية قبيحة لجأت إليها ثقيف ضمن الدفاع عن حصنها. قالوا: وأخرجت ثقيف امرأة ساحرة فاستقبلت الجيش بعورتها- وذلك حين نزل الرسول


(١) مغازي الواقدي ج ٣ ص ٩٢٥.
(٢) انظر ترجمته في كتابنا (غزوة أحد).
(٣) الرجل (بكسر الراء): الشيء الكثير جدًّا ويختص بالجراد فقط.
(٤) العشرة (بكسر العين): الصحبة.
(٥) المعابل: جمع معبلة: وهي نصال طوال عراض، يرمى بها المتحصنون في القلاع عادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>