للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من قاذفات للهب وغيرها) فأحبطوها، حيث سلطوا آلاتهم الراجمة بالنار على دبابات الفدائيين الذين وصلوا أسوار الحصن، فأحرقوا الدبابات التي كان يتستر بها الفدائيون. فانكشف هؤلاء الفدائيون، فقصفهم الثقفيون بسهامهم وأحرابهم، وأحدثوا بينهم بعض الإصابات ما بين قتيل وجريح، وهنا اضطر الفدائيون إلى التراجع إلى معسكر الإِسلام.

قال أصحاب السير: فنصب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المنجنيق. وشاور رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصحابه. فقال له سلمان الفارسى (١) يا رسول الله أرى أن تنصب المنجنيق على حصنهم، فإنا كنا بأرض فارس ننصب المنجنيقات على الحصون وتنصب علينا، فنصيب من عدونا ويصيب منا بالمنجنيق، طال الثواء، فأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعمل منجنيقًا بيده، فنصبه على حصن الطائف. وذلك بالإضافة إلى منجنيق ودبابتين قدم بهما الطفيل بن عمرو الدوسى. ونشر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحسَك حول حصنهم، ودخل المسلمون تحت الدبابة وهي جلود من جلود البقر، وذلك يوم يقال له: الشدخة قيل: وما الشدخة؟ قالوا: ما قتل من المسلمين -دخلوا تحت الدبابات، ثم زحفوا بها إلى جدار الحصين ليحفروه، فأرسلت عليهم ثقيف سكك الحديد محماة بالنار فحرّقت الدبابات، فخرج المسلمون من تحتها، وقد أصيب منهم من أصيب، فرمتهم ثقيف بالنبل فقتل منهم رجال (٢).


(١) هو سلمان الفارسي، ويكني أبو عبد الله، ويعرف بسلمان الخير، مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وسئل سلمان عن نسبه، فقال: أنا سلمان بن الإِسلام. أصله من فارس رام هرمز وكان اسمه قبل الإِسلام (مابه ابن يوذخشان بن مورسلان بن يهوذان بن فيروز بن سهرك من ولد آب الملك، وكان يلاد فارس مجوسيا سادن النار. ثم هداه الله للإسلام فجاء من بلاد الفرس يبحث عن دين التوحيد حتى وصل المدينة فأسلم في قصة شيقة مطولة (انظرها في أسد الغابة والاصابة والاستيعاب والحلية لأبي نعيم). كان سلمان من عظماء الصحابة، وكان في مقدمة الزهاد بينهم. وهو الذي قال فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. (سلمان منا أهل البيت). كان سلمان صاحب فكرة حفر الخندق لحماية المدينة من هجوم الأحزاب (انظر كتابنا غزوة الأحزاب)، كان عطاؤه من بيت المال خمسة آلاف، فإذا استلمه فرقه على المحتاجين. وكان لا يأكل إلا من كسب يده حيث كان (وهو أمير بالعراق) يسف الخوص به ويبيعه ويأكل من ثمنه. توفي سلمان في آخر خلافة عثمان سنة خمس وثلاثين، وفي أسد الغابة عن أهل العلم: أن سلمان عاش ثلاثمائة وخمسين سنة، وقال أبو نعيم في الحلية: كان سلمان الفارسي من المعمرين.
(٢) سيرة ابن هشام ج ٣ ص ١٢٦، ومعازى الواقدي ج ٣ ص ٩٢٧ - ٩٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>