فقد روى أبو داود فقال: حدثنا عمر بن الخطاب أبو حفص حدثنا الفريانى حدثنا أبان حدثنا عمرو -هو ابن عبد الله بن أبي حازم- عن أبيه عن جده صخر -هو أبي العيلة الأحمسى- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غزا ثقيفًا، فلما أن سمع ذلك صخر، ركب في خيل يمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فوجده قد انصرف ولم يفتح، فجعل صخر حينئذ عهدا وذمة، لا يفارق هذا القصر (يعني الطائف) حتى ينزلوا على حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولم يفارقهم حتى نزلوا على حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وكتب إليه صخر: أما بعد فإن ثقيفًا قد نزلت على حكمك يا رسول الله، وأنا مقبل بهم في خيلى، فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالصلاة جامعة، فدعا لأحمس عشر دعوات (اللهم بارك لأحمس في خيلها ورجالها).
وأتى القوم فتكلم المغيرة بن شعبة (الثقفى) فقال: يا رسول الله إن صخرًا أخذ عمتى ودخلت فيما دخل فيه المسلمون، فدعاه فقال: يا صخر إن القوم إذا أسلموا أحرزوا دماءهم وأموالهم، فادفع إلى المغيرة عمته. فدفعها إليه، وسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ماء لبنى سليم قد هربوا عن الإِسلام وتركوا ذلك الماء. فقال: يا رسول الله أنزلنيه أنا وقومى؟ قال: نعم.
فأنزله وأسلم الأسلميون، فأتوا صخرًا فسألوه أن يدفع إليهم الماء فأبى، فأتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: يا رسول الله أسلمنا وأتينا صخرًا ليدفع إلينا ماءنا فأبى علينا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا صخر إن القوم إذا أسلموا أحرزوا أموالهم ودماءهم فادفع إليهم ماءهم. قال: نعم يانبي الله، فرأيت وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتغير عند ذلك حمرة حياء من آخذ الجارية وأخذه الماء، تفرد به أبو داود (١).
قال الإمام ابن كثير في البداية والنهاية (معقبًا على قصة ثقيف وصخر أبي العيلة): قلت: وكانت الحكمة الإلهية تقتضي أن يؤخر الفتح عامئذ لئلا يستأصلوا قتلًا، لأنه قد تقدم أنه - صلى الله عليه وسلم - لما كان خرج إلى الطائف فدعاهم إلى الله تعالى وإلى أن يؤووه حتى يبلغ رسالة ربه عزَّ وجلَّ، وذلك بعد موت