للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يصطحبه معه ليقسمه على الأعراب المنتشرين ما بين مكة والمدينة تأليفًا لقلوبهم كي يثبت منهم من دخل في الإسلام ويرغب فيه من لم يكن، قد دخل فيه (١).

قال الإِمام الواقدي يصف عملية رحيل الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه من مكة إلى المدينة بعد انتهاء معركة حنين وحصار الطائف: (وانتهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الجعرانة ليلة الخميس لخمس ليال خلون من ذي القعدة فأقام بالجعرانة ثلاث عشرة، فلما أراد الانصراف إلى المدينة، خرج من الجعرانة ليلة الأربعاء لاثنى عشر بقيت من ذي القعدة ليلًا، فأحرم من المسجد الأقصى الذي تحت الوادي بالعدوة القصوى، وكان مصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كان بالجعرانة -فأما هذا المسجد الأدنى، فبناه رجل من قريش واتخذ ذلك الحائط عنده- ولم يجز رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الوادي إلّا محرمًا، فلم يزل يلبى حتى استلم الركن. ويقال: لما نظر إلى البيت قطع التلبية، فلما أتى أناخ راحلته على باب بني شيبة، ودخل وطاف ثلاثة أشواط يرمل (٢) من الحجر إلى الحجر، ثم خرج فطاف بين الصفا والمروة على راحلته، حتى إذا انتهى إلى المروة في الطواف السابع حلق رأسه عند المروة، حلقه أبو هند (٣) عبد بني بياضة، ويقال حلقه خراش بن أمية (٤).

ولم يسق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منها هديًا، ثم انصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الجعرانة فكان كبائب بها، فلما رجع إلى الجعرانة خرج يوم الخميس فسلك في وادي الجعرانة، وسلك معه حتى خرج على سرف (٥)، ثم أخذ الطريق حتى انتهى إلى مر الظهران.


(١) انظر البداية والنهاية ج ٤ ص ٣٦٨.
(٢) الرمل هو الإسراع في المشي.
(٣) هو أبو هند الحجاج البياضي، مولى فروة بن عمرو البياضي، اسمه عبد الله، وقيل: يسار، تخلف عن بدر، وشهد ما بعدها من المشاهد، حجم النبي - صلى الله عليه وسلم - في يافوخه من وجع كان به، وفي أبي هند هذا، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إنما أبو هند امرؤ من الأنصار فأنكحوه وأنكحوا إليه يا بني بياضة (أسد الغابة ج ٥ ص ٣١٨).
(٤) انظر ترجمة خراش بن أمية في كتابنا (صلح الحديبية).
(٥) (سَرِف بفتح السين وكسر الراء) موضع على ستة أميال من مكة.

<<  <  ج: ص:  >  >>