الثقفي في مفاوضاته مع الرسول - صلى الله عليه وسلم - أول الأمر إلى واسطة بينهم وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان هذا الواسطة، هو خالد بن سعيد بن العاص (١) الذي كان ينقل من وادي قناة (حيث يخيم الوفد الثقفى) إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آراء ومقترحات وشروط وفد ثقيف، ويعود إليهم بجواب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليها.
كان وفد ثقيف ضيفًا على النبي - صلى الله عليه وسلم - رغم أن رجال هذا الوفد لم يعلنوا إسلامهم صراحة إلا بعد مفاوضات طويلة وشاقة.
فكان الطعام - بأمر من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينقل من المدينة إلى رجال الوفد في وادي قناة شمالي المدينة، ولكن هؤلاء الثقفيين (لما نشأوا عليه من جلافة الأعراب، ولما ترسب في نفوسهم من رواسب وثنية، لم يمحها غير الإسلام حينما دخلوا فيه) كان الشك ينتابهم حيال الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، فكانوا لهذه الوساوس، لا يأكلون من الطعام الذي يبعث به إليهم النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى يأكل منه الصحابي الوسيط، خالد بن سعيد بن العاص.
أما خلاصة الشروط السخيفة المناقضة لأصول الإسلام والتي اشترطتها ثقيف والمطالب التي تقدمت بها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فهي:
(١) هو خالد بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف .. يكنى أبو سعيد، أمه من ثقيف. كان خالد من السابقين الأولين في الإِسلام، أسلم بعد أبي بكر الصديق، فكان ثالثًا أو رابعًا، وقال ضمرة بن أبي ربيعة: كان إسلام خالد مع إسلام أبي بكر، وقالت أم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص، كان أبي خامسًا في الإِسلام. قك: من تقدمه. قالت: علي بن أبي طالب وأبو بكر وزيد بن حارثة وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، وكان سبب إسلامه، أنه رأى في النوم أنه وقف على شفير النار، فذكر من سعتها ما الله أعلم به وكان أباه يدفعه فيها ورأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آخذًا بحقويه لا يقع فيها، ففزع وقال: أحلف إنها لرؤيا حق، ولقى أبا بكر فذكر ذلك له. فقال له أبو بكر: أريد بك خيرًا، هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاتبعه فإنك ستتبعه في الإِسلام الذي يحجزك من أن تقع في النار وأبوك واقع فيها، فلقى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو بأجياد. فقال: يا محمد إلى من تدعو؟ قال: أدعوا إلى الله وحده لا شريك له وأن محمدًا عبده ورسوله وتخلع ما أنت عليه من عبادة حجر لا يسمع ولا يبصر ولا يضر ولا ينفع ولا يدرى من عبده ممن لم يعبده. قال خالد: فإني أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك رسول الله، فسر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بإسلامه، هاجر خالد بن سعيد الهجرتين، كان خالد بن سعيد من عمال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومات الرسول - صلى الله عليه وسلم - وخالد أمير له على اليمن وكان خالد أول قائد يقتحم بجيشه الشام مجاهدًا في خلافة أبي بكر الصديق، وقد نكب جيشه وتراجع بعد أن أوقعه الرومان قرب دمشق في شبه كماشة، استشهد خالد بن سعيد في معركة أجنادين في خلافة عمر بن الخطاب على أصح الأقوال، وقيل استشهد في معركة مرج الصفر وهو يقود المعركة الأولى ضد الرومان بالقرب من دمشق.