للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: ما جئت إلا لذاك.

قال: بل قعدت أَنت وصفوان بن أُمية في الحجر فذكرتما أَصحاب القليب من قريش , ثم قلت، لولا دين علي وعيال عندي لخرجت حتى أَقتل محمدًا، فتحمل لك صفوان بن أُمية بدينك وعيالك، على أَن تقتلني له، والله حائل بينك وبين ذلك.

فقال عمير: أَشهد أَنك رسول الله، قد كنا يا رسول الله نكذبك بما كنت تأْتينا به من خبر السماء وما ينزل عليك من الوحي، وهذا أَمر لم يحضره إلا أَنا وصفوان.

والله إني لأَعلم ما أَتاك به إلا الله، فالحمد لله الذي هداني للإِسلام، وساقني هذا المساق.

فقال الرسول - صلى الله عليه وسلم - فقهوا أَخاكم في دينه وعلِّموه القرآن، وأَطلقوا أَسيره ففعلوا (١) وهكذا فشلت المؤامرة الخبيثة، وبدلا من أَن يعود بطلها إلى مكة مبشرًا رءوس الكفر بقتل النبي - صلى الله عليه وسلم - عاد إليهم مسلمًا، يتحدى مكة كلها بإسلامه، فقد جاهر أَهل مكة بأَنه قد أَسلم، وكان شجاعًا مهيبًا، ولذلك لم يجرؤ أحد من أَشراف مكة على التعرض له عندما قام يدعو إلى الإِسلام علنا في مكة , حيث كان من المحظور التظاهر بالإسلام فضلًا عن الدعوة إليه، وخاصة بعد معركة بدر.

قال ابن كثير في تاريخه: إن عمير هذا بعد أن هداه الله للإِسلام استأْذن الرسول - صلى الله عليه وسلم - في العودة إلى مكة ليكون داعية إلى الإِسلام قائلا:

"يا رسول الله إني كنت جاهدًا على إِطفاءِ نور الله شديد الأَذى لمن كان على دين الله، وأَنا أَحب أَن تأْذن لي فأَقدم مكة فأَدعوهم إلى الله


(١) البداية والنهاية ج ٣ ص ٣١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>