مما لا جدال فيه أن معركة حنين التي دارت بين المسلمين وهوازن بالقرب من مكة، هي أعنف وآخر معركة يخوضها النبي - صلى الله عليه وسلم - بنفسه.
وكان انتصار المسلمين الساحق في هذه المعركة بمثابة آخر مسمار يدق في نعش الوثنية في جزيرة العرب.
فقد انهزم في هذه المعركة أمام المسلمين أعظم تحالف عشائرى وثنى، واجهه الإِسلام في تاريخه (بعد تحالف الأحزاب)(١)، وكان المتبقون على الوثنية في جزيرة العرب والمرتابون الذين أسلموا ولما يدخل الإِيمان في قلوبهم، يعلقون أكبر الآمال على انتصار قوات هوازن على جند الإِسلام في حنين، فقد كانت قوات هوازن التي جاءت من بلادها لخوض المعركة ولإِخراج المسلمين من مكة تقدر بعشرين ألفًا بينما كانت قوات المسلمين لا تزيد على عشرة آلاف مقاتل يضاف إليهم ألفان من مسلمي مكة الذين لم يمض على إسلامهم سوى نصف شهر، والذين بينهم الكثير ممن يضمر الكيد للإِسلام والمسلمين ويتمنى النصر للمشركين على النبي - صلى الله عليه وسلم -.
غير أن تمكن الجيش الإِسلامي من سحق العسكرية الهوازنية المتغطرسة في حنين حطم كل الآمال التي تتشبث بها بقايا أوكار الوثنية المبعثرة هنا وهناك في جزيرة العرب.
وقد بقى جناح من أجنحة العسكرية الهوازنية (له أهميته) شبه سليم، وهو جناح ثقيف الذي بقى - بعد الهزيمة في حنين - يشكل بعض الخطر على المسلمين، حيث اعتصم هذا الجناح في حصونه بالطائف متمسكًا بوثنيته، ومبديًا العداوة والمقاومة الحربية لسلطان الإِسلام.
غير أن خطر هذا الجناح الهوازنى قد زال عندما دخلت كل قوادم هذا الجناح وخوافيه في الإِسلام، وذلك بعد أن وجدت ثقيف نفسها معزولة وشبه محصورة من بقية عشائر هوازن التي دخلت (صادقة في الإسلام) وصارت بقيادة ملك هوازن السابق وقائدها العام في معركة حنين تضيق الخناق على ثقيف في عقر دارها.