سلاحًا قويًّا، وهذا هو الذي تحقق، فقد كان ثلث الجيش من الفرسان، والبقية من الهجانة (راكبي الإبل)، والإبل لها أهميتها في حرب الصاعقة التي لا يفزع الرومان والفرس شيء مثلها، إلا أن الإبل تأتى -بعد الخيل- في المرتبة الثانية، فهي من حيث القوة والفعالية في القتال تشبه نصف المجنزة بالنسبة للدبابة، إذا استثنينا تفوق الخيل على الجمال في سرعة الحركة والقدرة على قفز الخنادق وتسلق التلال والانحدار منها أثناء القتال، وجيش ثلثه من الفرسان، هو بالنسبة للمسلمين أبناء الصحراء يدل على تطور عظيم في تسلح الجيش النبوي، يجعله -عند التحرك إلى تبوك- في مصاف جيوش فارس والروم.
فإذا ما رجعنا إلى الوراء قليلًا، وجدنا أن المسلمين في أول معركة خاضوها وهي معركة بدر الكبرى في السنة الثانية من الهجرة، ليس معهم سوى فرس واحد أو فرسان، كما أنه لم يكن لديهم من سلاح الفرسان يوم أحد سوى فرس واحد.
وأعظم مجموعة من سلاح الفرسان تتكون في العهد النبوي -قبل تبوك- المجموعة التي كانت في فتح مكة وغزوة حنين، هي ألفان وأربعمائة وثمانون فارسًا، وذلك في السنة الثامنة للهجرة، ولا شك أن التطور في سلاح الفرسان في الجيش النبوي كان سريعًا -ولعل ذلك راجع إلى دخول كثير من أبناء البادية في الإسلام الذين لا يحرصون على شيء مثل حرصهم على اقتناء الخيل- فبعد أقل من سنة تطور سلاح الفرسان في الجيش النبوي (إذن) من ألفين وأربعمائة وثمانين فارسًا إلى عشرة آلاف فارس، حيث كان فتح مكة وغزوة حنين في السنة الثامنة الهجرية وغزوة تبوك في السنة التاسعة.
قال الواقدي في مغازيه ج ٣ ص ١٠٠٢: قالوا: وكان مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثين ألفًا، ومن الخيل عشرة آلاف فرس.
وقد استفاد الرسول - صلى الله عليه وسلم - كثيرًا من سلاح الفرسان في غزوة تبوك، حيث استخدم هذا السلاح السريع الحركة في الحرب التي تتطلب قطع مسافات بعيدة، فعندما كان في تبوك وبعد أن حققت الحملة