للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جمع عناصر الجيش -وعددهم ثلاثون ألفا- فألقى فيهم خطبة جامعة تشبه "إلى حد ما" خطبة حجة الوداع المشهورة، حيث تضمنت هذه الخطبة في تبوك الكثير من شرائع الإِسلام والتربية الخلقية.

فقد روى عن عقبة بن عامر (وهو ممن حضر بيعة العقبة وبدرًا) أن قال: لما أصبح النبي صلى الله عليه وسلم بتبوك، جمع الناس فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال: أيها الناس، أما بعد فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأوثق العرى كلمة التقوى، وت وخير الملل ملة إبراهيم عليه السلام، وخير السنن سنن محمد، وأشرف الحديث ذكر الله، وأحسن القصص هذا القرآن وخير الأمور عواقبها، وشرّ الأمور محدثاتها، وأحسن الهدى هدى الأنبياء، وأشرف القتل قتل الشهداء، وأعمى الضلالة الضلالة بعد الهدى، وخير الأعمال ما نفع، وخير الهدى ما اتبع، وشر العمى عمى القلب، واليد العليا خير من اليد السفلى، وما قل وكفى خير مما كثر وألهى، وشر الأمور المعذرة حين يحضر الموت، وشر الندامة يوم القيامة. ومن الناس من لا يأتي الجمعة إلا نزرا، ومنهم من لا يذكر الله إلا هجرًا (١)، ومن أعظم الخطايا اللسان الكذوب، وخير الغنى غنى النفس، وخير الزاد التقوى، ورأس الحكم (٢) مخافة الله، وخير ما ألقى في القلب اليقين .. والارتياب من الكفر، والنياحة من عمل الجاهلية، والغلول من جمر جهنم، والسكر من النار، والشعر من إبليس، والخمر جماع الإِثم، والنساء حبالة الشيطان، والشباب شعبة من الجنوان، وشر المكاسب كسب الربا، وشر المأكل مال اليتيم. والسعيد من وعظ بغيره، والشقى من شقى في بطن أمه، وإنما يصير أحدكم إلى موضع أربعة أذرع، والأمر إلى آخره، وملاك العمل خواتمه، والربا ربا الكذب، وكل ما هو آت قريب، وسباب المؤمن فسوق، وقتل المؤمن كفر، وأكل لحمه من معصية الله وحرمة ماله كحرمة دمه، ومن يتأل (٣) على الله يكذبه، ومن يعف يعف


(١) الهجر -بضم أوله وسكون ثانيه-: في النهاية في غريب الحديث ج ٤ ص ٢٤٠: هو الخنا والقبيح من القول.
(٢) هكذا في الأصل وهو بمعنى الحكمة، كذا قال في النهاية ج ١ ص ٣٤٦.
(٣) تألى على الله قال في النهاية: أي حكم عليه وحلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>