للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لهذا النفور من على ظهر الناقة بعض متاع رحله صلى الله عليه وسلم، ولكنه هو لم يسقط لأن أمر هؤلاء الخونة اكتشف قبل أن يتمكنوا من تحقيق هدفهم الخبيث، ونجى الله رسوله الحبيب صلى الله عليه وسلم من المؤامرة.

قال الواقدي: وكانوا قد أنفروا بالنبي صلى الله عليه وسلم فسقط بعض متاع رحله، فكان حمزة بن عمرو الأسلمي يقول: فنور لي في أصابعى الخمس فأضئن حتى كنا نجمع ما سقط من السوط والحبل وأشباههما حتى ما بقى من المتاع شيء إلا جمعناه، وكان لحق النبي صلى الله عليه وسلم في العقبة (١).

وقد بلغ خبر المؤامرة سيد الأوس أسيد بن حضير، فعرض على الرسول - صلى الله عليه وسلم أن يأمر بإعدام المتآمرين، على أن تتولى كل عشيرة من الأنصار إعدام الرجل المشترك منها في المؤامرة، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم آثر الصفح ولم يأخذ باقتراح أسيد بن حضير.

قال أصحاب السير: فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له أسيد بن حضير: يا رسول الله ما منعك البارحة من سلوك الوادي، فهو أسهل من العقبة؟ قال: يا أبا يحيى أتدرى ما أراد البارحة المنافقون وما اهتموا به؟ قالوا: نتبعه في العقبة، فإذا أظلم الليل عليه قطعوا أنساع راحلتى ونخسوها حتى يطرحونى من راحلتى. فقال أسيد: يا رسول الله، فقد اجتمع الناس ونزلوا، فمر كل بطن أن يقتل الرجل الذي همّ بهذا، فيكون الرجل من عشيرته هو الذي يقتله، وإن أحببت، والذي بعثك بالحق، فنبّئنى بهم، فلا تبرح حتى آتيكم برؤوسهم، وإن كانوا في النبيت (٢) فكفيتكهم، وأمرت سيد الخزرج فكفاك من في ناحيته، فإن مثل هؤلاء يتركون يا رسول الله؟ حتى متى نداهنهم وقد صاررا اليوم في القلة والذّلة، وضرب الإسلام بجرانه، فما يستبقى من هؤلاء؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأسيد: إني أكره أن يقول الناس: إن محمدًا لما انقضت الحرب بينه وبين المشركين وضع يده في قتل أصحابه، فقال: يا رسول الله، فهؤلاء


(١) مغازي الواقدي ج ١٠٤٣.
(٢) النبيت هو عمرو بن مالك بن أوس. انظر أنساب الأشراف للبلاذرى ج ١ ص ٢٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>