للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى يقاتلوك، فإن قاتلوك فلا تقاتلهم حتى يقتلوا منكم قتيلا، فإن قتلوا منكم قتيلا فلا تقاتلهم حتى تلومهم ترهم أناة (١)، ثم تقول لهم: هل لكم أن تقولوا لا إله إلا الله؟ فإن قالوا: نعم فقل: هل لكم أن تصلوا؟ فإن قالوا نعم فقل: هل تخرجوا من أموالكم صدقة تردونها على فقرائكم فإن قالوا نعم، فلا تبغ منهم غير ذلك والله لإِن يهدى الله على يدك رجلا واحدًا خير لك مما طلعت عليه الشمس أو غربت.

قال: فخرج في ثلاثمائة فارس، فكانت خيلهم أول خيل دخلت تلك البلاد، فلما انتهى إلى الناحية التي يريد - وهي أرض مذحج - (٢) فرق أصحابه، فأتوا بنهب وغنائم وسبى نساء وأطفال (٣) ونعم وشاء وغير ذلك. فجعل على على الغنائم بريدة بن الحصيب، فجمع إليه ما أصابوا قبل أن يلقاهم جمع، ثم لقى جمعًا فدعاهم إلى الإِسلام وحرض بهم، فأبوا ورموا في أصحابه، ودفع لواءه إلى مسعود بن سنان السلمي (٤) فتقدم به، فبرز رجل من مذحج يدعو إلى البراز، فبرز إليه الأسود بن الخزاعي السلمي (٥)، فجاولا ساعة وهما فارسان، فقتله الأسود وأخذ سلبه، ثم حمل عليهم على بأصحابه فقتل منهما عشرين رجلًا، فتفرقوا وانهزموا وتركوا لواءهم قائمًا، فكف عن طلبهم ودعاهم إلى الإِسلام، فسارعوا وأجابوا، وتقدم نفر من رؤسائهم فبايعوه على الإِسلام، وقالوا: نحن على من ورائنا من قومنا، وهذه صدقاتنا فخذ منها حق الله.

فجمع على ما أصابوا من تلك الغنائم فجزأها خمسة أجزاء فأقرع عليها، فكتب في سهم منها (لله)، فخرج أول السهام سهم الخمس، ولم ينفل


(١) التلوم: الانتظار والتمكث.
(٢) قلت: هي الآن أرض ما بين مأرب وحريب والبيضاء - وهي أرض بني مراد.
(٣) انظر موقف الإسلام من السبى والرق في كتابنا (غزوة بني قريظة) ففيه الرد على أعداء الإسلام بشأن الرق.
(٤) قال في أسد الغابة: مسعود بن سنان الأنصاري السلمي قتل يوم اليمامة.
(٥) هو الأسود بن خزاعى الأسلمي من حلفاء بني سلمة من الأنصار، أحد الذين اشتركوا في قتل ابن أبي الحقيق اليهودى في خيبر.

<<  <  ج: ص:  >  >>