للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن وفد كندة) فقال للرسول - صلى الله عليه وسلم -: جئت راغبًا في الإِسلام، ففرح النبي - صلى الله عليه وسلم - بقدومه فدعا له ومسح رأسه، وأمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بأن يجتمع الناس، فأمر أن ينادى: الصلاة جامعة سرورًا بقدوم وائل بن حجر، وأمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - معاوية بن أبي سفيان أن يكون مرافقا له وينزله بدار الضيافة، فمشى معاوية في وقت شديد القيظ حافيًا ووائل بن حجر راكبًا، فطلب معاوية من وائل أن يعيره نعله ليتقى بها حر الرمضاء، فأبى وائل وقال: لا، لأنى لم أكن لألبسها ثانية وقد لبستها، وذلك ترفعا من وائل لأنه ملك، والملك لا يلبس شيئًا لبسه غيره، فقال له معاوية: فأردفنى إذن، قال: لست من أرداف الملوك، فقال: إن الرمضاء قد أحرقت قدمى، قال وائل: امش في ظل ناقتى كفاك به شرفًا, فصبر معاوية، ثم أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقول وائل، فقال: إن فيه لعبية من عبية الجاهلية.

وما نسيها معاوية لوائل، فعندما آلت الخلافة إلى معاوية وفد عليه وائل في دمشق، فذكره بتلك الحادثة، ولكن معاوية بالغ في إكرامه، فأجلسه معه على السرير، فقال وائل: فوددت أنى حملته بين يدي، أي يوم رفض أن يعطيه نعله أو يردفه خلفه يوم وقد على الرسول - صلى الله عليه وسلم -.

وقد كتب الرسول - صلى الله عليه وسلم - لوائل بن حجر كتابًا جعله بموجبه واليًا على ما تحت يده بحضر موت (١)، ولم يخطب النبي - صلى الله عليه وسلم - معلنًا قدوم وافد عليه إلا عندما وفد عليه ملك كندة وائل حيث جمع أهل المدينة في المسجد ثم خطبهم فقال: أيها الناس هذا وائل بن حجر أتاكم من حضر موت -ومدّ بها صوته- راغبًا في الإِسلام (٢).

قالوا: وكانت امرأة من حضر موت يقال لها تهناة بنت كليب، لما علمت بظهور النبي - صلى الله عليه وسلم - صنعت له كسوة، ثم دعت ابنها كليب بن أسد بن كليب، فقالت له: انطلق بهذه الكسوة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فسافر بها إلى المدينة مسافة شهرين، ثم أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأعطاه الكسوة ثم أسلم، وقد قال


(١) انظر نص هذا الكتاب في طبقات ابن سعد، والوثائق السياسية لحميد الله.
(٢) طبقات ابن سعد ج ١ ص ٣٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>