للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن القيم: إنه - صلى الله عليه وسلم - خطب بمنى خطبة ثانية وذلك ثاني يوم الحج الأكبر ... وقد وردت هذه الخطبة بعدة روايات، ونحن لعظيم فائدة ما جاء في هذه الخطبة نورد منها بعض المقاطع. روي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه مما قاله في هذه الخطبة: "أتدرون أي يوم هذا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: هذا أوسط أيام التشريق، هل تدرون أي بلد هذا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: هذا المشعر الحرام. ثم قال: إني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا، ألا وأن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا، في بلدكم هذا، حتى تلقوا ربكم، فيسألكم عن أعمالكم، ألا فليبلغ أدناكم أقصاكم، ألا هل بلغّت؟ " قالت راوية الحديث (سرَّاء بنت نبهان) (١): فلما قدمنا المدينة لم نلبث إلا قليلًا حتى مات - صلى الله عليه وسلم -. رواه أبو داود (٢).

وروي أنه قال في الخطبة ذلك اليوم (ثاني أيام التشريق): "ألا لا تظلموا ألا لا تظلموا ألا لا تظلموا إنه لا يحل مال امرء مسلم إلا بطيب نفس، ثم أرسى قاعدة من أعظم قواعد المساواة بين البشر على اختلاف أجناسهم وألوانهم فقال: أيها الناس إن ربكم واحد وأباكم واحد، ألا لا فضل لعربى على عجمي ولا لعجمي على عربي، ولا أسود على أحمر، ولا أحمر على أسود إلا بالتقوى، هل بلغّت؟ قالوا: بلّغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال - صلى الله عليه وسلم -: ليبلغّ الشاهد الغائب".

وقال في مقطع آخر: "وسأخبركم من المسلم: المسلم من سلم الناس من لسانه ويده، والمؤمن، من أمنه الناس على أموالهم وأنفسهم، والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب، والمؤمن حرام على المؤمن، كحرمة هذا اليوم، لحمه عليه حرام أن يأكله بالغيبة يغتابه، وعرضه عليه حرام أن يظلمه، وأذاه عليه حرام أن يدفعه دفعًا ... يا معشر قريش لا تجيئوا بالدنيا، تحملونها على رقابكم وتجئ الناس بالآخرة، فإني لا أغنى عنكم من الله شيئًا" (٣).


(١) هي سراء بنت نبهان الغنوية ولم يزد في أسد الغابة على قصة سماعها هذا المقطع من خطبة النبي - صلى الله عليه وسلم -.
(٢) زاد المعاد ج ١ ص ٤٩٥.
(٣) مجمع الزوائد لعلي بن أبي بكر الهيتمى ج ٣ ص ٢٦٥، ٢٦٦ و ٢٦٨، ٢٧٢. وهكذا =

<<  <  ج: ص:  >  >>