للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مرتبط بمصير هؤلاء لأنهم يحملون راية الجيش، وفي ذلك العصر لا تأْتي هزيمة الجيش إلا من قبل حاملي رايته إن هم انهزموا، أو قُتلُوا.

وهذا هو الذي جعل القائد العام (أَبا سفيان) يقول في كلمته لحاملي اللواء من بني عبد الدار:

"لقد وليتم لواءنا يوم بدر فأَصابنا ما قد رأيتم وإنما يؤتى الناس من قِبَل راياتهم إذا زالت زالوا".

برزت نساء قريش أمام حملة لواء مكة العبدريين وهن ينشدن الأَشعار المحرضة الموجهة إليهم بصفته خاصة والتي منها:

ويهًا بني عبد الدار ... ويهًا حماة الأَدبار

ضربًا بكل بتّار

ثم أَخذن يتجولن تارة في مقدمة الصفوف وتارة في مؤخرتها وفي أَيديهن الدفوف يضربن بها ويغنين باسم نساء الجيش كله، شعرًا يهددن الرجال فيه بالعزوف عنهم ومفارقتهم إن هم فروا من القتال، ويوعدنهم بأن كل امرأة ستبقى مع زوجها تسعده وتخدمه، إن هم ثبتوا ولم يفروا، ومن هذا الشعر قولهن:

إن تقبلوا نعانق ... ونفرش النمارق (١)

أو تدبروا نفارق ... فراق غير وامق (٢)

ولا شك أن تحريض نساء قريش كان له أثره الفعال في نفوس الجيش المكي، وخاصة حملة الواء (٣) من بني عبد الدار الذين استبسلوا في المعركة، وثبتوا يدافعون عن اللواء حتى أبادهم المسلمون عن آخرهم.


(١) النمارق جمع نمرقة وهي الوسادة الصغيرة.
(٢) الوامق، المحب.
(٣) حامل اللواء: منصب عسكري معترف به عند العرب في الجاهلية والإسلام كما أنه منصب معروف في الجيوش القديمة، كالجيش اليوناني والجيش الفارسي والجيش الروماني، وكانت قريش في الجاهلية، عشرة بطون لكل بطن منها واجب، وكان حمل اللواء في بني عبد الدار.

<<  <  ج: ص:  >  >>