للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السلام خلفه يترس به، وكان أبو طلحة راميًا شديد الرمي، فكان إذا رفع رسول الله شخصه ينظر أين سهمه، ويرفع أبو طلحة صدره - ليقى رسول الله من سهام العدو - وهو يقول: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، لا يصيبك سهم، نحري دون نحرك.

وكان أبو طلحة البطل، (في تلك الساعات الحرجة) يسور نفسه بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويقول:

إني جَلِد يا رسول الله فوجهني في حوائجك ومرني بما شئت.

ولقد ناضل أبو طلحة (أمام رسول الله بالنبل) نضالًا شديدًا حتى تكسرت ثلاث أقواس في يده من شدة الرمي.

قال البخاري، لما كان يوم أُحد انهزم الناس عن النبي، وأبو طلحة (١) بين يديه مجوّب عليه بجحفة (٢) له، وكان رجلًا راميًا شديد النزع، كسر يومئذ قوسين أو ثلاثًا.


(١) هو أبو طلحة .. زيد بن سهل بن الأسود بن حرام الأنصاري الخزرجي، أحد الذين شهدوا إبرام بيعة العقبة، وكان من أجلاء الصحابة وشجعانهم المشهورين، وقد شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بالشجاعة الفائقة بقوله (لصوت أبي طلحة في الجيش خير من مائة رجل) وقد ذكر ابن عبد البر أن أبا طلحة قتل وحده (يوم حنين) عشرين رجلا وأخذ أسلابهم، شهد أبو طلحة معركة بدر مع رسول الله، وكان عند احتدام المعارك يجثو بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ينثر كنانته ويناضل الأعداء بمهارة فائقة، وقد كان موقفه في الدفاع عن النبي يوم أحد من أنبل المواقف، مات أبو طلحة سنة ٥١ هـ وقيل سنة أربع وثلاثين هـ.
(٢) الجحفة هي الدرقة التي يتستر بها المحارب بيده.

<<  <  ج: ص:  >  >>