للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا نجوت إن نجا، فوقف له النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم أرداه قتيلًا بحربة قذفه بها قبل أن يقترب منه، فكأن أبي، الشقي هذا، الإنسان الوحيد الذي قتله الرسول - صلى الله عليه وسلم - بيده الكريمة.

قال ابن إسحاق .. فلما أسند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الشعب أدركهـ أبي بن خلف وهو يقول، أين محمد لا نجوت إن نجا.

فقال القوم (أي الحرس المحيطون بالرسول): يا رسول الله أيعطف عليه رجل منا؟ ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: دعوه، فلما دنا تناول - صلى الله عليه وسلم - الحربة من الحارث بن الصمة فلما أخذها - صلى الله عليه وسلم - انتفض بها انتفاضة تطايرنا عنه تطاير الشعراء (١) عن ظهر البعير إذ انتفض بها ثم استقبله فطعنه في عنقه طعنة تدأدأ منها عن فرسه (أي تقلب من شدة دفع الحربة وجعل يتدحرج) وقد مات رأس الكفر هذا من الطعنة النبوية التي أصابته.

وكان أبي بن خلف الشقي هذا شديد العداوة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان يؤذيه بمكة قبل الهجرة ويهدده بالقتل.

قال ابن إسحاق: وكان أبي بن خلف يلقى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمكة فيقول .. يا محمد إن عندي العوذ، فرسًا أعلفه كل يوم فرقا (٢) من ذرة، أقتلك عليه، فيقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، بل أنا أقتلك إن شاء الله.

ولهذا فإن (أُبي بن خلف) لما رجع إلى قومه وقد خدشه الرسول بالحربة خدشًا غير كبير، قال .. قتلني والله محمد .. قالوا له، ذهب والله


(١) الشعراء بكسر أوله ذباب له لدغ.
(٢) الفرق (بفتح الراء وإسكانها) مكيال يسع ستة عشر منًا، وقيل اثني عشر منًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>