للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رأوا هذا الجيش الصغير (الذي ظنوه قد هزم وتحطم) يتسابق أفراده (في عزم وتصميم وثبات) إلى حمل السلاح، لمطاردة العدو الذي يظنون أنه قد انتصر على المسلمين وأخضد شوكتهم.

ولقد هالهم أكثر وأدار رؤسهم وأثبت لهم خطأ ظنهم الفاسد، أن رأوا الجرحى من الجيش الإسلامي يتسابقون، هم أيضًا إلى حمل السلاح للاشتراك في الحملة استجابة لنداء الرسول القائد - صلى الله عليه وسلم -، حيث لم يتخلف من هؤلاء الجرحى عن الخروج مع رسول الله في هذه الحملة، ولا رجل واحد، حتى الذين كانت جراحهم غائرة مثقلة، تحاملوا على أنفسهم وخرجوا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

ومن هؤلاء رجلان من بني عبد الأشهل جرحا جراحات بليغة في معركة أُحد، فقد روى عن أحدهما أنه قال:

شهدت أُحُدًا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنا وأخ لي، فرجعنا جريحين (١) فلما أذن مؤذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالخروج في طلب العدو، قلت لأخي، أتفوتنا غزوة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ ، والله ما لنا من دابة نركبها، وما منا إلا جريح ثقيل، فخرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكنت أيسر جرحًا، فكان أخي إذا غلب حملته عقبة، ومشى عقبة حتى انتهينا إلى ما انتهى إليه المسلمون (٢).


= وعلا {عَبَسَ وَتَوَلَّى (١) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى} (الآية) كما هو مفصل في تفسير سورة (عبس).
(١) وهذان الجريحان هما عبد الله ورافع ابنا سهيل بن رافع.
(٢) سيرة ابن هشام ج ٢ ص ١٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>