للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ظلام الليل) خوفًا من أَن ينكشف أَمرهم لكفار مكة والمشركين من قومهم أهل يثرب.

ولنترك أَحد قادة الأَنصار يصف لنا كيف تم ذلك الاجتماع التاريخي الذي كان بداية التحول الخطير في تاريخ الصراع بين الإِسلام والوثنية .. وهو كعب بن مالك (١) رضي الله عنه:

قال كعب .. ثم خرجنا إلى الحج وواعدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالعقبة من أَوسط أَيام التشريق، وكانت الليلة التي واعدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لها ومعنا عبد الله بن عمرو بن حرام (٢)، سيد من ساداتنا، وشريف من أشرافنا، أخذناه معنا، وكنا نكتم من معنا من قومنا من المشركين أمرنا، فكلمناه وقلنا له .. يا أَبا جابر، إنك سيد من ساداتنا، وشريف من أَشرافنا، وإنا نرغب بك عما أَنت فيه أَن تكون حطبًا للنار غدًا، ثم دعوناه إلى الإسلام، وأَخبرناه بميعاد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إيانا العقبة قال .. فأَسلم وشهد معنا العقبة، وكان نقيبًا.

قال كعب، فنمنا تلك الليلة مع قومنا في رحالنا، حتى إذا مضى ثلث الليل خرجنا من رحلنا لمعاد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، نتسلل تسلل القطا مستخفين حتى اجتمعنا في الشعب عند العقبة، ونحن ثلاثة وسبعون رجلًا وامرأَتان من نسائنا .. نسيبة بنت كعب، أُم عمارة، إحدى نساء بني مازن بن النجار، وأَسماء بنت عمرو، وهي أُم منيع ..

فاجتمعنا في الشعب ننتظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى جاءنا ومعه عمه العباس بن عبد المطلب - وهو يومئذ على دين قومه -. إلا أنه أحب أَن يحضر أَمر أن يحضر أمر ابن أخيه ويوثق له، وكان أَول متكلم


(١) انظر ترجمته في كتابنا (غزوة أحد).
(٢) سيرة ابن هشام ج ١ ص ٤٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>