للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ، فركبات خيل الله عليها فرسان النهار ورهبان الليل: البلايا تحمل المنايا، نواضح يثرب تحمل الموت الناقع، قوم ليس لهم منعة ولا ملجأ إلا سيوفهم، لا مدد لهم ولا كمين، يهدرون بالقرآن الكريم وبذكر الله ويرددون في دعائهم: "يا نصر الله اقترب".

وفي بدر، التقى الظلام بالنور، والكفر بالإيمان، والباطل بالحق، والتقت الجاهلية بالإسلام، فجاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقًا.

ودارت في بدر رحى معركة طاحنة بين فئتين غير متكافئتين: فئة قليلة مؤمنة، وفئة كثيرة كافرة، فانتصرت الفئة القليلة على الفئة الكثيرة بإذن الله: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ}.

ولست أعرف معركة حاسمة من معارك الحرب الحاسمة، كيوم بدر، انتصرت فيه العقيدة السليمة على العقيدة الفاسدة، فكانت العقيدة وحدها هي السلاح الأول والأخير للمنتصرين.

كان المشركون أكثر عددًا من المسلمين، وكانوا أحسن عددًا وأغنى في قضاياهم الإدارية: كان عدة أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثمائة وبضعة عشر، وكان عدة المشركين ألفًا، وكان مع المسلمين فرسان، وكان مع المشركين مائة فرس، وكان المسلمون حفاة عراة جياعًا، وكان المشركون ينحرون في يومًا عشرًا ويومًا تسعًا من الإبل، وكان المسلمون من قبائل شتى، وكان المشركون من قريش! ! .

إنه انتصار عقيدة لا مراء، فكيف كان ذلك؟

لقد بدل الإسلام العقول والنفوس من حال إلى حال! كان الرسول القائد - صلى الله عليه وسلم - مثالًا شخصيًا رائعًا لأصحابه في التضحية والفداء.

<<  <  ج: ص:  >  >>