يهود بنى النضير القاطنين في ضواحي المدينة، ووضع حدًّا لدسائسهم ومؤامراتهم التي تستهدف القضاء على النبي - صلى الله عليه وسلم -، والإطاحة بالدولة التي أقامها في ظل الإسلام.
فقد كان هؤلاء اليهود يتحينون الفرص للتخلص من المسلمين منذ أن تمركزوا في المدنية، وقد ظلت أعمال هؤلاء اليهود العدوانية مقتصرة على الدس والوقيعة والتحريض لتفريق كلمة المسلمين وتفكيك وحدتهم والتشكيك في صدق نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم -.
وكان يهود بنى قينقاع (كما ذكرنا في الفصل الأول) أول من حول النزاع بين اليهود والمسلمين من نزاع مدنى إلى نزاع مسلح، فحاصرهم المسلمون في حصونهم ثم استزلوهم وتم إجلاؤهم من المدنية.
ولم يشترك يهود بنى النضير في معركة بنى قينقاع حربيًّا، وإن كانت عواطفهم معهم، وقد بقى يهود بنى النضير (كبنى قريظة) على عهدهم مع المسلمين، ولم يقوموا بأي عمل عسكرى ضد المسلمين، وخاصة بعد أن رأوا العبرة في يهود بنى قينقاع الذين كانت نتيجة حملهم السلاح في وجه المسلمين هو استسلامهم ثم أجلاؤهم عن المدينة في السنة الثانية من الهجرة.
ولكن بنى النضير لما رأوا أن سلوك هذا الطريق لا يشفى لهم غليلا ولا يحقق لهم هدفًا، قرروا الإقدام على عملية غدر رهيبة تصل بهم إلى أهدافهم السيئة من أقرب الطرق، ساعدهم على ذلك وشجعهم ما تعرض له المسلمون من نكبات متلاحقة في معركة أُحد التي أصيبوا فيها بتلك الانتكاسة الحربية التي فقدوا فيها سبعين شهيدًا، ثم في حادثتى بئر معونة وذات الرجيع اللتين فقدوا فيهما (وبعد أقل من شهرين من نكبة