للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنما يقصدون إزعاج اليهود الذين لا يفزعهم شيء مثل ضياع المال.

يدلنا على ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كما ثبت في كتب السيرة- لم يأمر بالشروع في إتلاف إلا أردأ أنواع نخيل اليهود الذي لا يقتاتون منه، وهو نوع (اللينة) وهو نوع يخالف نوع العجوة والبُرنى الذي كان الغذاء الرئيسى لأهل المدينة.

فإن (اللينة) من النخل إنما كان ثمرها (على ما يظهر) في الغالب علفًا للجمال وغيرها، قال السهيلى- عند تعليقه على قوله تعالى {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ} الآية- اللينة (بكسر اللام) ألوان التمر ما عدا العجوة والبُرنى ثم قال .. ففي هذه الآية أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يحرق من نخلهم (أي اليهود) إلا ما ليس بقوت للناس، وكانوا يقتاتون العجوة. أهـ.

ولقد نجحت خطة الإزعاج هذه التي اتبعها النبي - صلى الله عليه وسلم -، إذ لم يكد يرى هؤلاء اليهود الدخان يتصاعد من جذوع نخيلهم وفروع هذه النخيل تتساقط من جراء القطع حتى سادهم الذعر واجتاحتهم موجة من الارتباك خوفًا على نخيلهم، وشرعوا يفاوضون في التسليم.

مع أنهم لو فكروا قليلًا لتبين لهم أن هذا النخيل لم يعد من ممتلكاتهم بعد أن استولى عليه الجيش الإسلامي المحاصر الذي ما قام بالحصار إلا لإجبارهم على الجلاء من المدينة، فلو أدرك اليهود هذا لما ارتاعوا ولما ارتبكوا لمجرد البدء في عملية الحرق والقطع التي قام بها الجيش الإسلامي، ولما أثر ذلك على مقاومتهم بتلك السوعة، ولكنهم اليهود الذين لا يقدسون شيئًا مثل المال.

<<  <  ج: ص:  >  >>