للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منزلى، فرأى سواد إنسان نائم، فأتانى فعرفنى حين رآني، وكان يرانى قبل الحجاب، فاستيقظت باسترجاعه (١) حين عرفنى، فخمرت وجهى بجلبابى، والله ما كلمنى بكلمة، ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه، وهوى حتى أناخ راحلته فوطئ على يديها فركبتها.

فانطلق يقود بي الراحلة، حتى أتينا الجيش بعد ما نزلوا معرسين (٢) قالت: فهلك في شأنى من هلك، وكان الذي تولى كبر الإثم عبد الله بن أبي بن سلول.

فقدمنا المدينة، فاشتكيت (٣) بها شهرًا، والناس يفيضون في قول أصحاب الإفك، ولا أشعر، وهو يريبنى في وجعى أنى لا أرى من النبي - صلى الله عليه وسلم - اللطف الذي كنت أرى منه حين اشتكى، وإنما يدخل فيسلم ثم يقول: كيف تيكم؟ ثم ينصرف، فذلك الذي يريبنى منه، ولا أشعر بالشر حتى نقهت (٤).

فخرجت أنا وأم مسطح قبل المناصع وهو متبررنا، وكنا لا نخرج إلا ليلًا إلى ليل، وذلك قبل أن تتخذ الكُنُف، وأمرنا أمر العرب الأول في التبرز قبل الغائط.


(١) الاسترجاع هو قوله (إنا لله وإنا إليه راجعون).
(٢) سبق تفسير التعريس.
(٣) كناية عن المرض، فإذا مرض الإنسان قالوا: (اشتكى).
(٤) يعبر بالنقاهة عن قرب العهد بالمرض.

<<  <  ج: ص:  >  >>