للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمتار وعمق ثلاثة، ترابط على مشارفه وتطوف بنواحيه ليل نهار كتائب من جند الله كأنها الأسد الضوارى في انتظار الفرائس.

فأسقط في يدي أولئك القادة، وأخذوا يطوفون بخيلهم (في ذهول وغيظ) حول الخندق لتفقده والكشف عليه فوجدوه أمنع خط دفاع أقامه المسلمون في وجههم.

فحاروا في هذه المكيدة الحربية العظيمة التي كانت سببًا في قلب خططهم رأسًا على عقب، وشل حركاتهم الواسعة التي كانوا ينوون القيام بها والتي كانت مناط أملهم للإطباق على المدينة وسحق المسلمين فيها.

وبعد أن طاف قادة الأحزاب بجيمع نواحى الخندق وتأكدوا من صعوبة اقتحامه، وقفوا على مشارفه فقالوا (وقد أخذ الغيظ منهم كل مأخذ). . إن هذه لمكيدة ما كانت العرب تكيدها. . وفعلا فقد كانت عملية الخندق بدعة حربية ما كان العرب يعرفونها في تاريخهم الطويل بالرغم من أنهم شعب محارب منذ عرف.

ولكن المشركين بالرغم من أن الخندق قد شل حركة جيوشهم وجعلهم يقفون أمامه مكتوفي الأيدى حائرين، فإنهم قد صمموا على البقاء وفرض الحصار الخانق على المدينة، والقيام بمناوشة المسلمين على الدوام بالتناوب ليلًا ونهارًا لإرهاقهم، وفي إِنتظار الفرص المواتية لإقتحام المدينة. لا سيما وأنهم كانوا يتوقعون من اليهود ضرب المسلمين من الخلف. .

أما المسلمون، فالبرغم من تحصنهم وراء الخندق التي كان أحسن وأمن خط دفاع أقاموه في وجه جيوش الأحزاب الجرارة الغامرة، فإنهم ظلوا على حذر وخوف، لأفهم كانوا يخشون غدر يهود بنى قريظة الواقعة

<<  <  ج: ص:  >  >>