الأمن والطمأنينة في النفوس -ساعة الروع- ليس كثرة الجيوش وقوتها، وإنما الذي يصنع كل ذلك هو قوة العقيدة وزَخَم الإيمان بالله تعالى، عاد قادة غطفان من معسكر الجيش الصغير وهذه الكلمات تدوى في آذانهم دوى الرعود:
"يا رسول الله، قد كنا نحن وهؤلاء القوم على الشرك بالله وعبادة الأوثان لا نعبد الله ولا نعرفه، وهم لا يطمعون في أن يأكلوا منا تمرة إلا قرى أو بيعًا، أفحين أكرمنا الله بالإسلام وهدانا له وأعزنا بك وبه نقطعهم أموالنا؟ ؟ والله ما لنا بهذا من حاجة، والله لا نعطيهم إلا السيف حتى يحكم الله بيننا وبينهم".
كلمة قالها سعد بن معاذ -سيد الأوس- أمام قادة غطفان، في ذلك الظرف الحرج الدقيق الذي بلغت فيه قلوب المسلمين الحناجر من شدة الكرب وتلاحق المحن وتقاطر البلايا، . . كلمة ما كان ليقولها (لولا الإيمان الصادق) أمام قادة تلك القوة الضاربة، إلا الذي يملك قياد عشرين ألف مقاتل على الأقل.
ولكن محور العجب (هنا) هو أن الذي قال هذه الكلمة التي تتفجر منها ينابيع الرجولة والشجاعة والأنفة والإيمان والثقة المتناهية بالنفس ليس وراءه أكثر من ثمانمائة مقاتل تقابلها في الجانب المعادى الآخر أحد عشر ألف مقاتل ومن ورائها احتياطى لا يقل عن ثلاثة آلاف مقاتل في خيبر والمدينة.
ولعل هذه الكلمة التي قالها سعد بن معاذ للرسول القائد صلوات الله وتسليمه عليه بحضور قادة غطفان، كانت من أكبر الأسباب التي جعلت قادة هذه القبائل يعيدون النظر في مخططهم العدوانى، فيتقلّون بشأن