فقد جمع زعماء بني قريظة (وكلهم يعرفه ويثق به) وقال لهم - كواحد منهم يحرص على مصلحتهم - إن قريشًا وغطفان ليسوا كأنتم، البلد بلدكم، فيه أموالكم وأبناؤكم ونساؤكم، لا تقدرون على أن تتحولوا منه إلى غيره.
وأن قريشًا وغطفان قد جاءوا لحرب محمد وأصحابه وقد ظاهرتموهم عليه وبلدهم ونساؤهم وأموالهم بغيره، فليسوا كأنتم ..
فإن رأوا نهزة (أي فرصة) أصابوها وإن كان غير ذلك لحقوا ببلادهم وخلوا بينكم وبين الرجل ببلدكم.
ثم استمر نعيم يشحن نفوس هؤلاء اليهود بالخوف والشك قائلًا .. ولا طاقة لكم به (أي النبي) إن خلا بكم.
ثم ضرب ضربته الأخيرة التي أصابت الهدف في الصميم قائلًا .. فلا تقاتلوا مع القوم (أي الأحزاب) - حتى تأخذوا منهم رهنًا من أشرافهم (سبعين رجلًا) يكونون بأيديكم ثقة لكم على أن يقاتلوا معكم محمدًا حتى يناجزوه.
ويظهر أن قريظة الغادرة قد بدأ الخوف والفزع ينتابها وبدأت تشعر بالحاجة الماسة إلى ضمانات تحميها من أن ينزل بها عقاب الخيانة الصارم الذي بدأ شبحه المخيف يقلق بالها.
ولهذا فقد وقع نعيم بن مسعود من نفوس زعماء بني قريظة موقع الرضى والقبول، فشكر اليهود لنعيم بن مسعود مسعاه عندما تقدم إليهم بتلك النصيحة قائلين .. لقد أشرت بالرأي، وقرروا التمسك بما أشار به عليهم.