إنه لولا العقيدة التي تسلح به المسلمون في تلك الظروف الرهيبة المزلزلة، ما استطاعوا أن يثبتوا أمام للك الحشود الهائلة التي بلغت عشرة أضعاف المسلمين، ذلك الثبات الذي ظل (على مر العصور) مضرب الأمثال.
لقد كان باستطاعة جيوش الأحزاب الجرارة (لولا الخواء العقائدى الذي يسيطر عليها) أن تسجل على جيش المدينة الصغير، نصرًا حاسمًا حتى مع وجود الخندق، لأن الخندق لا يمكن أن يحول بينها وبين اقتحام المدينة على أية صورة من الصور، لا سيما وأنها تمتاز على المسلمين بذلك التفوق الساحق في العدد.
حقيق، أن اقتحام الخندق لاحتلال المدينة يتطلب تضحيات لا يستهان بها، وما كانت جيوش الأحزاب لتبخل بمئات من القتلى لاقتحام المدينة، لو كان باعث غزوها على مستوى الباعث العقائدى الذي وقف المسلمون (في ظله) يدافعون عن المدينة ذلك الدفاع الرائع.
ولكن لما كان الباعث الحقيقي لحشد هذه الجيوش حول المدينة هو ذلك الباعث المادى الضحل الرخيص، المتمثل في التمكن من السلب والنهب فحسب، فإنه من البديهى أن تحجم هذه الجيوش عن الإقدام على مثل هذا العمل الذي يتطلب الإقدام عليه بذل المهج والأرواح بسخاء كبير.
ولو كان الأمر على العكس، وكان المسلمون هم الذين جاءوا يقودون تلك الجيوش الجرارة التي جاء بها الأحزاب، لما وقف الخندق حائلًا بينهم