الأمر الذي كان أعراب غطفان يمنُّون النفس بالوصول إليه عندما تحركت جموعهم الغفيرة من مضاربها في صحارى نجد للمشاركة في غزو المدينة.
وحيث أن هذه المكيدة الحربية العظيمة التي ما كان العرب يكيدونها (وهي الخندق) قد جعلت من المستحيل على هؤلاء الأعراب الحصول على المغنم بالطريقة التي ألفوها في حروبهم المكشوفة الخاطفة التي لا تستغرق إلا ساعات قلائل وبصورة مفاجئة، ورأوا أن احتلال المدينة التي يحلمون بغنائمها, لن يكون (إذا ما نجحوا فيه) إلا بعد مغامرة خطيرة يكلفهم الإقدام عليها مئات القتلى مما يجعل المغنم الذي قد يحصلون عليه يتلاشى (في حسابهم المادى) أمام هذه التضحيات الجسام التي يبذلونها من الرجال للوصول إلى هذا المغنم المادى، فإنهم آثروا السلامة على المغنم المحفوف بكل هذه المخاطر الجسام ..
فمن هنا (والله أعلم) جاء إحجامهم عن القيام بأي عمل حربى يعرض أرواحهم للخطر في هذا الغزو الكبير الذي ما شاركوا فيه إلا للحصول على الغنائم والغنائم فقط، وحيث أن هذا أصبح مستحيلًا بعد حفر الخندق، فلا داعى لأن يتعرض هؤلاء الأعراب للقتل أو الجرح، وهذا أمر يتفق (تمامًا) مع منطق الأهداف الصغيرة الضيقة المحدودة التي جاء هؤلاء الأعراب لتحقيقها.