للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبدهى أن لا يتعرض المسلمون لعمرو بن سعدي اليهودي بأي أذى، لأن القصد من ضرب الحصار على يهود بني قريظة وإعلان الحرب عليهم، لا لأنهم يهود لا يدينون بالإسلام.

كلا وإنما لأنهم غدروا، وارتكبوا (في ظروف حربية دقيقة للغاية) الخيانة العظمى التي عقوبتها في كل قوانين الدنيا الموت.

وما دام أن هذا اليهودي ابن سعدى لم يشترك مع قومه في جريمة الغدر ونقض العهد، فإن تركه وشأنه (حرًّا) وعدم التعرض له بأي أذى إنما هو ترجمة فعلية لأحد مبادئ الإسلام العادلة المنبثقة من قوله تعالى {أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وزْرَ أُخْرَى} (١) وقوله تعالى {فَلَا عُدْوَانَ إلا عَلَى الظَّالِمِينَ} (٢).

قال ابن إسحاق (يصف خروج عمرو بن سعدى من حصون بني قريظة مفارقًا لهم): "وخرج عمرو بن سعدى القرظى، فمر بحرس رسول الله وعليه محمد بن مسلمة الأنصاري (٣) تلك الليلة، فلما رآه ابن مسلمة استوقفة قائلا ... من هذا؟ . ..

فقال ... أنا عمرو بن سعدى، وكان عمرو قد أبى أن يدخل مع بني قريظة في غدرهم برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال ... لا أغدر بمحمد أبدًا.

فقال (ابن مسلمة) حين عرف ابن سعدى ... اللهم لا تحرمني إقالة عثرات الكرام، ثم خلى سبيله فخرج على وجهه حتى بات


(١) الأنعام: ١٦٤.
(٢) البقرة: ١٩٣.
(٣) انظر ترجمته في كتابنا (غزوة أحد).

<<  <  ج: ص:  >  >>