الخزرجي (١) فحاول هذا الصحابي الجليل أن يجزى هذا اليهودى على معروفه السابق.
فذهب هذا الصحابي إلى نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - وذكر له قصة فضل هذا اليهودى ومنته عليه، وطلب منه - بصفته القائد الأعلى ذا الصلاحيات المطلقة في العفو عمّن يرى - أَن يعفو عن هذا اليهودي المحكوم عليه بالإعدام. ليرد له بذلك فضله السابق عليه.
فوافق النبي القائد - صلى الله عليه وسلم - وأَجاب صاحبه إلى ما طلب، ولكن الغريب في الأمر هو أن هذا اليهودى، أبى -بعد صدور العفونه- إلا أَن يُقتَل كما قُتل قومه ليلحق بهم إلى الجحيم.
وتفصيل ذلك، هو أن بني قريظة كانوا يُعْتبرُون في السلم والحرب جزءًا من قبيلة الأوْس، وذلك بفعل رابطة التحالف القائمة بين القبيلتين، كما هي القاعدة المتبعة عند العرب في الجاهلية.
ولذلك فإن يهود بني قريظة كانوا، إذا ما نشبت (في تلك الحروب الأهلية الطويلة) معركة بين الأوس والخزرج يقفون إلى جانب الأوْس فيقاتلون معهم حتى النهاية كجزء لا يتجزأ منهم كما كان يفعل يهود بني النضير وبنى قينقاع مع الخزرج حلفائهم.
وعندما نشبت معركة بُعاث الشهيرة في الجاهلية بين الأوس والخزرج والتي كان النصر الساحق فيها للأوْس علي الخزرج، وقع
(١) هو ثابت بن قيس بن شماش بن زهير الخزرجى الأنصاري، خطيب الأنصار الشهير، وهو الذي قال للرسول صلى الله عليه وسلم عند مقدمة المدينة: نمنعك مما نمنع منه أنفسنا وأولادنا فما لنا؟ فقال (الجنة)، أول مشاهده العسكرية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم معركة أحد وشهد ما بعدها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، قتل ثابت المذكور شهيدًا في معركة اليمامة.