بني وطنه وإسقاط النظام القائم (بحد السلاح وبالتواطؤ مع العدو) الذي ارتضاه واعترف به وعاش في ظله آمنًا مطمئنًا لم يهضم له حق ولم يكن إلَّا محل الرعاية والوفاء؟ .
أَعتقد أَنَّ أَحدًا (وحتى من المستبشعين للحكم الصادر في حق بني قريظة) لن يكون جوابه (إذا كان يحترم عقله) على هذا السؤال إلَّا الاعتراف بأَن جميع قوانين وأَعراف الدنيا في الحاضر والماضي تنصّ (بالإجماع) على أن الموت والمصادرة هي عقوبة كل من يقدم على هذه الجرائم التي أَشرنا إليها.
وحيث أَن هذا أَمر متفق عليه (بلا جدال) عند جميع الأمم -قديمًا وحديثًا- فإنه من التحامل والتعسف والافتراءِ القول بأن الحكم الصادر في حق بني قريظة هو حكم غير عادل ومخالف لقواعد الإنسانية.
لأَن هؤلاءِ اليهود قد جمعوا في تصرفاتهم الخائنة الغادرة ضد المسلمين كل الجرائم التي عقوبة واحدة منها (فقط) الموت في جميع قوانين الدنيا في كل الأعصار والأزمنة.
فاليهود لم يكتفوا بالتجسس على مواطنيهم لحساب العدو في حالة الحرب، ولم يكتفوا بمد هذا العدو بالمساعدات المادية والأَدبية التي تيسّر له مهمة احتلال المدينة وطن المجميع المشترك (يوم ذاك) .. وهي أَعمال تُصنّف في باب الخيانة العظمى التي عقوبتها الموت في جميع قوانين العالم .. نعم لم يكتفوا بهذه الأَعمال فحسب، بل (بالإضافة إِلى كل ذلك) شهروا السلاح في وجه الجيش الإِسلامي المشغول بمواجهة الغزاة، وأَعلنوا قطع كل صلة تصلهم بحلفائهم