مواطنيهم المسلمين، وانضموا في تلك الساعات المزلزلة، إلى قوات العدو الغازية مستهدفين سحق المسلمين (بسرعة) سحقًا كاملا مستغلين الموقف الدقيق المتأَزم الذي بلغت فيه حالة المسلمين من الضيق والشدة حد الاختناق ضاربين بكل المثل والأعراف والقوانين والعهود والمواثيق عرض الحائط.
إن يهود بني قريظة (وقد ظهرت نواياهم الخبيثة وتكشفوا على تلك الحالة من اللؤم والخسة والدناءة) لو تم النصر لهم وللأحزاب على المسلمين لما اكتفوا إلا باستئصال شأفة المسلمين ومصادرة كل أملاكهم وسبي جميع نسائهم وذرارهم.
وهذا أمر مبيَّت منهم للمسلمين (بالتأكيد) فهم لم يُقدموا على تلك الخيانة العظمى فيتواطئوا مع العدو الغازى إلَّا وقد وضعوا نُصب أعينهم (كهدف أول) إبادة المسلمين عن آخرهم.
وقد تجلى هذا المقصد الخبيث من اليهود عندما طلبوا من الأحزاب (كشرط أساسى لانضمامهم إليهم) أن لا ينسحبوا ويفكوا الحصار عن المدينة إلَّا بعد سحق المسلمين واستئصال شأفتهم، وأخذوا بذلك العهد على مندوب الأحزاب (حُيَى بن أخطب) فتعهَّد لهم بذلك باسم الأحزاب.
فكيف (إذن) بعد هذه الحقائق الدامغة كلها، وبعد هذه الأعمال التي قام بها اليهود، والتي يكفي البعض منها (فكيف بها مجتمعة) لإدانة هؤلاء اليهود بالخيانة العظمى التي عقوبتها الموت والمصادرة في جميع قوانين الدنيا ... كيف بعد هذا كله يسوغ لعاقل منصف يحترم نفسه أن ينفي صفة العدل والإنصاف عن الحكم الصادر والنافذ