فكيف بالله (إذن) يكون من العدل التمشي مع روح القرن العشرين إعدام مواطن أو مواطنين، لأنهم (فقط) نقلوا إلى العدو أسرارًا تتعلق بسلامة الجيش .. أسرارًا ليس من المؤكد أن نقلها سيعرِّض الجيش للإبادة وإنما يمكِّن قيادة العدو المنتظر (روسيا) من الاستفادة عسكريًا، ويكون من الظلم والوحشية إعدام المواطن الذي لم يكتف بنقل أسرار جيش بلاده إلى العدو والمحارب المحيط ببلاده، بل شهر السلاح في وجه هذا الجيش وهو في أحلك ليالى محنته وشرع (بالاتفاق مع العدوّ الغازى) في تسديد طعنة إلى ذلك الجيش فألَّف قوة مسلحة داخل الوطن المشترك، واتصل بالعدوِّ اتصالًا مباشرًا مكشوفًا وأعلن انضمامه إليه مستهدفًا إبادة الأمة التي هو جزءٌ منها وتسهيل احتلال الوطن الذي هو شريك فيه، وتدمير الجيش الذي كان من المفروض أن يكون في صفوفه مدافعًا عن الوطن المشترك؟ .
أعتقد أنه لا جواب عند هؤلاء المعترضين والمستبشعين لما نزل بيهود بني قريظة إلَّا الفلسفة الفارغة والمغالطة المكشوفة التي تمليها الرغبة المبيتة الملحة في الطعن والتشويه لكل ما هو إسلامي فحسب ..
إن يهود بني قريظة (بالإضافة إلى صفة المواطن) كانت لهم صفة الجندى والضابط الذي يجب أن يكون قوة محاربة داخل جيش المدينة ضد أي اعتداءٍ تتعرض له (يثرب) الوطن المشترك للمسلمين واليهود - يوم ذاك - كما تنص على ذلك الاتفاقية المعقودة بين الفريقين.
فاليهود إذن (كما قلنا) ليسوا أسرى حرب بالمعنى المعروف