غربًا، بفضل ما بذله الجيل المثالي، جيل محمد - صلى الله عليه وسلم - من تضحيات وبطولات.
وتتجلى عظمة الرسول - صلى الله عليه وسلم - في قصة صلح الحديبية، فيما صاحب، ذلك الحدث التاريخي من عزمه عليه الصلاة والسلام على أداء العمرة، بينما كانت قبائل (نجد) المجاورة للمدينة، معادية ومتعاونة مع كفار قريش، وفيما كان يهود خيبر يتحفزون للانتقام من الدين الجديد الذي هزم أهلهم من بني قينقاع، وبني قريظة، وبني النضير، وأذلّهم لتآمرهم على الإسلام وغدرهم بالمسلمين. ومع كل تلك الأخطار استنفر أصحابه وخرج بهم من المدينة قاصدًا العمرة، وزيارة الكعبة التي حُرم المسلمون منها طيلة ست سنوات تقريبًا.
حقًّا لقد كانت تلك الرحلة التاريخية للعمرة محفوفة بالأخطار كان كل شيء على السطح يشير إلى أن قريشًا القوية، ذات العدد والعدة، ستشن على المسلمين حربًا (عندما يقتربون من مكة) حربًا بلغ بضعاف النفوس من المنافقين الجبن إلى أن يعتقدوا أن نهاية المسلمين ستكون فيها على أيدي قريش.
الأمر الذي حمل كثيرًا من منافقي المدينة والأعراب، على الاعتذار عن مصاحبة الرسول العظيم في هذه الرحلة التي يرافقه فيها سوى ألف وأربعمائة، هم الصفوة المختارة التي خلّد الله ذكراهم، وأعلن رضاه عنهم في قرآن يتلى إلى يوم الدين ({لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا} (١).