على طرفي نقيض .. وهو أمر خطير يجب على المربيِّن والمسؤولين عن التربية والتعليم في أي بلد يدين بالإسلام أن يقاوموه بكل الوسائل، ويعملوا على إزالة الأتربة والسوافي التي ألقى بها الأعداءُ على جوهر هذا التاريخ لطمس معالمه الوضاعة المشرقة التي يمكن أن يستضئ بها الشباب المسلم على دروب الفضيلة والاستقامة التي (إن سار عليها) ستنتهي به إلى سلَّم العزة والكرامة والمجد ليرقاه رافع الرأس وضاح الجبين.
- ٢ -
إن ما حدث قبل وحتى عقد هذا الصلح التاريخي الخالد لم يكن معركة حربية بالمعنى التقليدي المتعارف عليه في القاموس العسكري.
فلم تنشب هناك معارك دامية في بطاح، الحديبية بين المسلمين وقريش، كما نشبت في بطاح بدر وشعاب أُحد ومشارف الخندق ووديان خيبر ومرتفعاتها، والتي نتجت عنها تلك الانتصارات لصالح الإسلام والمسلمين.
ولكن نتائج (صلح الحديبية) الإيجابية لم تكن أقل من نتائج أية معركة من تلك المعارك الظافرة الدامية الفاصلة.
بل إن نجاح الرسول الأعظم - صلى الله عليه وسلم - في عقد صلح الحديبية مع قريش حقق للدعوة الإسلامية من المكاسب (على كل المستويات السياسية والروحية والمعنوية والعسكرية) ما لم تحققه له أية معركة خاضها النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - وأصحابة الكرام بالسيف والرمح والنبل.
يشهد بذلك كبار الصحابة الذين كانوا قد عارضوا النبي - صلى الله عليه وسلم -، أشد المعارضة في عقد هذا الصلح كما سيراه القارئ مفصلًا في صُلْب