للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} (١).

وفي سورة الفتح ندَّد القرآن بالمنافقين والمشركين من الأَعراب الذين مرّ عليهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بين مكة والمدينة، فدعاهم إلى مصاحبته في رحلته التاريخية تلك، فتثاقلوا ثم امتنعوا ظانِّين أَن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأَصحابه ينهزمون أَمام قريش، قائلين: إِنما خرج محمد وأَكله رأْس (٢) يقدم على قوم موتورين فأَبوا أَن ينفروا معه لذلك فقال تعالى منددًا بهؤلاءِ المنافقين والمشركين: {وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} (٣).

كما فضح فئة أُخرى من المنافقين الذين أُغرقوا في النفاق إِذ طلبوا من الرسول أَن يستغفر لهم بعد أَن رأوه يعود منتصرًا وأَصحابه معافين، وهم (أَي المنافقون) قد خذلوه وتخلّوا عنه حين استعان بهم واستنفرهم فاعتذروا بانشغالهم بأموالهم وأولادهم، بينما هم في الحقيقة يظنُّون أَن النبيّ وأصحابه ستكون مقبرتهم هناك في الحرم على أَيدي قريش، لذلك امتنعوا عن مرافقتهم في هذه الرحلة التاريخية التي انتهت بهذا الصلح العظيم .. فقد فضح الله النوايا الخبيثة وكشفها لرسوله ليكون على حذر منهم ومن دسائسهم فقال تعالى: {سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ


(١) سورة الفتح الآية ١٠.
(٢) أكلة رأس: تعبير عن قتلهم.
(٣) سورة الفتح الآية ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>