للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} (١)، بل ظننتم أَن ينقلب الرسول والمؤمنون إلى أَهليهم أبدًا وزُين ذلك في قلوبكم وظننتم ظنّ السوء وكنتم قومًا بورًا" (٢).

كما أَشار القرآن في سورة الفتح إلى تعنّت قريش وتعصبُّها الجاهلي في صدّها المسلمين عن الحرم وإلى الحكمة الخفيّة التي غابت عن البعض في صلح الحديبية فعارضوه، كما أَشار إِلى أَنَّ من أَسباب اتباع نبيّه طريق الصلح بدلًا من الحرب، هو أَن هناك مسلمين بين المشركين في مكة، أو سلك النبيّ - صلى الله عليه وسلم - طريق الحرب فانتصر لأَبيد كثير من هؤلاءِ المسلمين المستضعفين على أَيدي الجيش النبوي دونما علم منه فيصيبهم من ذلك بلاءً عظيمًا، فقال تعالى: {هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ (أَي محبوسًا بالحديبية) وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا - يقول: لو خرجوا من عند المشركين - لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} (٣) أَي لسلطناكم عليهم فاقتحمتم عليهم مكة بالسيف ولكن الحكمة - لا تعلمونها جعلنا القضية تسوّى عن طريق الصلح بدلًا من الحرب التي لو خضتموها لانتصرتم فيها على قريش، ومن هذه الحكمة، حماية المستضعفين المسلمين من معرّة الجيش الإسلامي المنتصر الذي لا يمكنه


(١) سورة الفتح الآية ١١.
(٢) سورة الفتح الآية ١٢.
(٣) سورة الفتح الآية ٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>