للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والدرس المستفاد هنا بصفة رئيسية هو في قصة معارضة الفاروق عمر الصريحة بل القوية لبعض بنود معاهدة الصلح التي أَبرمها النبي الأعظم - صلى الله عليه وسلم - بينه وبين المشركين.

لقد كان ابن الخطاب يرى - في قرارة نفسه ساعة عقد الصلح - أَن بعض الشروط التي اشترطها المندوب القرشي سهيل بن عمرو في المعاهدة، وقبل بها النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها مساس بكرامة الأُمة الإِسلامية تسجِّل عليها شيئًا من الدنيّة .. كان ذلك مبلغ فهمه وإحساسه وشعوره كإنسان عادي - بالنسبة للنبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن (بالتأكيد) على مستواه في إِصابة الرأْي وبعد النظر والإحاطة بغوامض الأُمور .. وبالتالي، تلقِّيه الوحي من السماء وعدم صدوره إلا عن أمر الله تعالى.

لذلك فإن ابن الخطاب لم يكد يطَّلع على بنود وشروط المعاهدة - التي اتفق عليها ولم يبق غير التوقيع والإشهاد عليها - حتى نهض معلنًا عن معارضته الشديدة وذهب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وبصراحته المعھهودة أفصح لسيِّد الحكماء وإمام الحلماء - صلى الله عليه وسلم - عن هذه المعارضة، مستنكرًا بعض الشروط التي تضمنتها هذه المعاهدة، وخاصة المتعلقة باشتراط قريش رجوع المسلمين عن مكة ذلك العام دون أَداء مناسك العمرة .. وتعهد النبي - صلى الله عليه وسلم - بردّ كل من جاءَه من أبناء قريش إليهم حتى ولو كان مسلمًا .. وعدم تعهد قريش (مقابل ذلك) بأن يردوا من جاءَ إليهم مفارقًا جماعة المسلمين مرتدًا عن الإسلام.

فرأينا كيف أَن عمر بن الخطاب جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - معلنًا معارضته لهذه الشروط قائلًا: ألست رسول الله حقًّا؟ قال: بلى، فقال ابن الخطاب: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ . قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: بلى.

<<  <  ج: ص:  >  >>