للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥ - الوفاء بالعهد:

ولعل من أَبلغ الدروس في صلح الحديبية درس أَلقاه النبي القائد والحاكم في الوفاء بالعهد والتقيد بما يفرضه شرف الكلمة من الوفاء بالالتزامات التي يعطيها المسؤول الشريف في كلمته مهما ترتب على هذا الوفاء من خسائر وآلام تصيب الموفي بالعهد.

هذا الدرس الرائع نستخرجه من حادثة أبي جندل التاريخية المؤثرة.

لقد كان لرئيس وفد الشرك في مفاوضة الحديبية (سهيل بن عمرو) ابن شاب كان قد هداه الله للإسلام في مكة فاعتقله أبوه وأودعه السجن وقام بتعذيبه لحمله على العودة إلى دين الوثنية، ولكنه صبر وتحمل وظل على دينه الصحيح مسلمًا.

وصادف أَن أَبا جندل هذا (كما تقدم) تمكن من الفرار من سجن أَبيه ووصل إلى معسكر المسلمين وهو يرسف وقيوده فرمى بنفسه فارًّا بدينه بين أَظهرهم طالبًا حمايتهم لأَنه أَصبح مسلمًا منهم وإليهم.

فرحّب به المسلمون وهنأُوه. غير أَن أَباه سهيل بن عمرو لم يكد يراه بين المسلمين حتى صرخ في وجهه وانهال ضربًا على وجهه ثم أَخذ يجره بتلابيبه ويدفع به أَمامه ليعود به إلى معسكر الشرك، حتى صاح أبو جندل (مستغيثًا بالمسلمين): يا معشر المسلمين أَأَرد إلى المشركين يفتنوني عن ديني أَلا ترون ما لقيت.

ويظهر أَن المسلمين سارعوا بالتدخل لحماية أَبي جندل وانتزعوه من يد أبيه المشرك ليبقى معهم لأَن تلك هي رغبته، ولأَنه أصبح منهم عضوًا في أُسرة الإسلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>