لم يلجأْ سهيل بن عمرو إلى القوة لإلقاء القبض على ابنه المسلم بل لجأ إلى الاحتجاج لدى النبي القائد - صلى الله عليه وسلم - وطالبه بأَن يسلم إليه ابنه أبا جندل وفقًا لاتفاقية الصلح التي ينص البند الثامن منها على التزام النبي - صلى الله عليه وسلم - بأَن يرد من جاءَ إليه من قريش بغير إذن أهله.
فقد قال سهيل في احتجاجه هذا -أي موضوع ابنه - أَول ما أُقاضيك عليه، لقد لجت القضية بيني وبينك قبل أَن يأْتي هذا - يعني ابنه.
ولم يسع النبي القائد - وهو أَبرّ من أوفى بالعهد - إلا أن يقف عند كلمته ويطبق الاتفاقية نصًّا وروحًا، فقال لسهيل بن عمرو: صدقت، وسمح لسهيل بن عمرو، المشرك باعتقال ابنه المسلم وإعادته إلى مكة، رغم علمه بما في هذا التصرف من إيذاءٍ شديد لعواطف المسلمين إلا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مع ذلك طلب من سهيل بن عمرو أن يسمح لابنه بالبقاء مع المسلمين قائلًا: فأجره لي، أَي أُتركهـ في جواري وأَماني وهي عادة متبعة عند العرب.
فقال سهيل: ما أَنا مجير لك ذلك.
فكرر النبي الطلب قائلا: بلى، فافعل.
فكرر سهيل الرفض قائلا: ما أنا بفاعل.
وهنا تدخل عضوا الوفد القرشي (حويطب بن عبد العزّى ومكرز بن عمرو) فأجارا أَبا جندل، وتعهدا بأَن لا يمسه العذاب في مكة، حيث قالا للنبي - صلى الله عليه وسلم -: قد أَجرناه لك (يا محمد) لا نعذِّبه.