التاريخ .. إذ لم يخرج (في أية ناحية من نواحى عَرضه وبحثه وتحليله في مؤلفاته) عن إطار هذا الجوهر، الأمر الذي أعطى سلسلته التاريخية هذه قيمة تاريخية أكبر.
لأنه لم يُخْرج هذه السلسلة كقصص للتسلية وقتل الوقت، يتخللها الحديث عن الحب الموهوم والغرام المتخيَّل بقصد تشويق القارئ وجذبه لا أقل ولا أكثر .. وإنما أخرجها كمراجع حقيقية لتاريخ حقيقى يرجع إليها واثقًا من يريد الرجوع إليها والاستدلال بها.
أسأل الله تعالى أن يجزى الأخ الأستاذ باشميل خير الجزاء على هذا المجهود الذي يبذله خدمة للتاريخ الإسلامي، في وقت يتعرض فيه هذا التاريخ المشرق المجيد لحملات ظالمة يشنها عليه مفكرون محسوبون على العرب والمسلمين، قاصدين من وراء ذلك أن يقطع المسلمون (والعرب خاصة) صلتهم بهذا التاريخ الخالد الوضّاء، ولكن الله بالمرصاد لهؤلاء العملاء المأجورين فسيكبتهم انتصارًا لدينه حتى ينقلبوا خاسرين إن شاء الله.
***
إن معركة خيبر -كما سيراها القارئ في هذا الكتاب - هي من أعظم المعارك الحاسمة في تاريخ الإسلام، وهي -كما يقول المؤلف- أطول معركة خاضها النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام في عهد النبوّة. وآخر معركة انتهى بها الوجود اليهودى الذميم في جزيرة العرب.
لقد عرض المؤلف في كتابه هذا لتاريخ اليهود في خيبر- منذ وطئت أقدامهم الدخيلة هذه التربة العربية حتى تم تطهير الجزيرة من أوضارهم بالتصفية العسكرية الشاقة التي قام بها النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه والتي هي موضوع هذا الكتاب.
كذلك أثبت المؤلف في الفصل الأول من كتابه هذا أن العنصر اليهودى، عنصر دخيل على الجزيرة العربية، لا تربطه بعرب الجزيرة أية رابطة من دم أو لغة أو دين.
كما نوه عن أحقاد اليهود وتعصبهم وخبثهم وعزلتهم وانطوائهم على أنفسهم ومكرهم وخداعهم، مما جعل صلاتهم بعرب الجزيرة محدودة إلا