للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كشف حقيقتهم وأمر نبيه بأن يمنعهم من الانخراط في سلك الجيش الزاحف على خيبر فقال تعالى:

{سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَال اللَّهُ مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُوا لَا يَفْقَهُونَ إلا قَلِيلًا} (١).

وتنفيذًا لهذا الأمر الإلهى أعلن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه لن يشترك معه في غزو اليهود في خيبر إلا أصحاب الشجرة الذين حضروا الحديبية وعددهم ألف وأربعمائة.

أما الذين تخلفوا عن الحديبية (وهم الذين عناهم القرآن بالمنع) فقد قال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - لما جاءوه يستأذنونه في الخروج معه إلى خيبر قال لهم: لا تخرجوا معى إلا راغبين في الجهاد، فأما الغنيمة فلا (٢).

وجاء في السيرة الحلبية أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر مناديًا ينادى بأن الذين تخلفوا عنه عام الحديبية ويرغبون في الخروج معه إلى خيبر فإنهم لن يعطوا شيئًا من غنائمها.

وكأنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أراد بهذا (على ما يظهر) امتحان هؤلاء المخلفين ومعرفة الصادق منهم من الكاذب.

ذلك أنهم بتخلفهم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في تلك الرحلة التاريخية المحفوفة (فعلًا) بالأخطار. . الرحلة التي انتہهت بصلح الحديبية. . أثبتوا أنهم ليسوا على مستوى الإيمان واليقين الذي يحتم عليهم (وقد انتسبوا إلى أسرة الإسلام) أن يكونوا إلى جانب النبي - صلى الله عليه وسلم - في السراء والضراء وفي المنشط والمكره.

إذ ظهر بما لا يدع مجالًا للشلك أن باعث تخلفهم عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - عام الحديبية إنما كان (فقط) خوفهم من أن يكون المسلمون عرضة لحرب ضروس تشنها عليهم قريش في هذه الرحلة، وبهذا أدانوا أنفسهم بأنهم


(١) الفتح ١٥.
(٢) مغازي الواقدي ٢ ص ٦٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>