للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالاتصال بقادة قبائل غطفان ونصحهم بأن يلتزموا جانب الحياد في الصراع الذي سيدور بينه وبين خيبر، وأبلغهم (مؤكدًا لهم) بأن الله سيفتح عليه خيبر لا محالة، لأنه وعده بذلك، ووعده لن يخلفه. .

فقد بعث إلى غطفان وبنى أسد رسالة قال فيها: "أن خلوا بيني وبين القوم (يعني اليهود)، فإن الله قد وعدنى أن يفتحها لي" (أي خيبر).

ويقول المؤرخون أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ليجنب جيشه خطر مؤازرة قبائل غطفان وأسد لليهود ضده أبلغ رؤساء هذه القبائل بأنه على استعداد بأن تكون خيبر لهم إن هم أسلموا وخلّوا بينه وبين هؤلاء اليهود، وبعض المؤرخين ذكر أنه لم يشترط إسلامهم، بل طلب منهم التزام جانب الحياد فلا يعينوا اليهود عليهم، على أن يعطيهم مقابل ذلك نصف ثمار خيبر بعد فتحها (١).

ولا يستبعد أن يكون النبي القائد - صلى الله عليه وسلم - في سبيل تجنيب جيشه شر مقاتلة هذه القبائل الوثنية الضاربة- قد نقدم إلى زعمائها بكلا العرضين الآخر بعد الأول.

إلا أن رؤساء هذه القبائل (على أي حال) قد ركبهم الغرور حين رأوا تلك القوات الضاربة منهم ومن حلفائهم اليهود. . خمسة عشر ألف مقاتل على وشك الإحاطة بألف وأربعمائة من المسلمين بعيدين عن حاضرتهم المدينة. . فظنوا أنهم الغالبون لا محالة وأنها ستكون حرب أحزاب ظافرة مظفرة ضد المسلمين لا كحرب الأحزاب الأولى التي اشتركت فيها قريش وقريظة حول أسوار المدينة في السنة الرابعة من الهجرة والتي كانت نتيجتها الفشل.

لذلك رفض رؤساء هذه القبائل كل العروض النبوية وأبوا أن يلتزموا جانب الحياد، فأبلغوا النبي - صلى الله عليه وسلم - أنهم لن يتخلوا عن حلفائهم اليهود وأنهم سيقاتلونه إلى جانبهم (٢).


(١) السيرة الحلبية ج ٢ ص ١٧٥.
(٢) البداية والنهاية ج ٤ ص ١٨١ ومختصر الواقدي ص ٣١٢ والسيرة الحلبية ٢ ص ١٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>