للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اليهود في حصونهم صوت نفس الصائح فانسحبوا وتركوا اليهود وحدهم.

وأعطى الإمام الواقدي تفصيلات أوسع عن هذه القصة فقال: (بعد أن ذكر كيف رفض عيينة بن حصن قائد غطفان العرض الذي بموجبه تعهد النبي - صلى الله عليه وسلم - إعطاءهم تمر خيبر لسنة إن هم خلّوا بينه وبين اليهود): إن غطفان سمعوا صائحًا يصيح لا يدرون من السماء أو من الأرض: يا معشر غظفان أهلكم أهلكم، الغوث، الغوث بحيفاء -صيحَ ثلاث مراث- لا تربة ولا مال، قال: فخرجت غطفان على الصعب والذلول، وكان أمرًا صنعه الله عزَّ وجلَّ لنبيه. فلما أصبحوا أُخبر كنانة بن أبي الحقيق (سيد خيبر) وهو في الكتيبة (١) بانصرافهم فسُقِطَ في يديه، وذل، وأيقن بالهلكة وقال: كنا من هؤلاء الأعراب في باطل، إنَّا سرنا فيهم فوعدونا النصر وغرونا، ولعمرى لولا ما وعدونا من نصرهم ما نابذنا محمدًا بالحرب، ولم نحفظ كلام سلام بن أبي الحقيق (٢) إذ قال: لا تستنصروا بهؤلاء الأعراب (يعني غطفان) أبدًا، فإنا قد بلوناهم، وجلباهم لنصر بني قريظة ثم غروهم. فلم نر عندهم وفاء لنا، وقد سار فيهم حُييّ بن أخطب وجعلوا يطلبون الصلح من محمد، ثم زحف محمد إلى بني قريظة وانكشفت غطفان راجعة إلى أهلها (٣).

ثم يستمر الواقدي في سرد قصة انسحاب غطفان مرعوبين فيقول: فلما انتهى الغطفانيون إلى أهلهم بحيفاء وجدوا أهلهم على حالهم فقالوا: هل راعكم شيء؟ قالوا: لا والله، فقالوا (أي أهلهم): لقد ظننا أنكم قد غنمتم، فما نرى معكم غنيمة ولا خيرًا! ! فقال عيينة بن حصن لأصحابه: هذا والله من مكائد محمد وأصحابه، خدعنا والله! فقال له الحارث بن عوف المرّى (٤): بأي شيء؟ قال عيينة: إنا في حصن النطاة


(١) الكتيبة: منطقة في خيبر بها حصون لهم.
(٢) سلام بن أبي الحقيق هو أبو رافع اليهودى ملك خيبر الذي قتله الفدائيون المسلمون الخمسة قبل غزوة خيبر كما تقدم.
(٣) مغازى الواقدي ج ٢ ص ٦٥١.
(٤) كان الحارث هذا قائد أحد الأجنحة الأربعة في حرب الأحزاب ضد المسلمين عام ٤ من الهجرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>