بعد هدْأة (الهَدْأة أول الليل) إذ سمعنا صائحًا يصيح، لا ندرى من السماء أو من الأرض: أهليكم أهليكم بحيفاء -صيح ثلاثة- فلا تربة ولا مال، فقال الحارث بن عوف: يا عيينة والله لقد غَبِرت (أي بقيت) إن انتفعت. والله إن الذي سمعت لمن السماء، والله ليظهرنّ محمد على من ناوأه حتى لو ناوأته الجبال لأدرك منها ما أراد. فأقام عيينة أيامًا في أهله ثم دعا أصحابه للخروج إلى نصر اليهود، فجاءه الحارث بن عوف فقال: يا عيينة أطعنى وأقم في منزلك ودع نصر اليهود، مع أنى لا أراك ترجع إلى خيبر إلا وقد فتحها محمد، ولا آمن عليك.
فأبى عيينة أن يقبل قوله وقال:(لا أسلم حلفائى لشئ)(١). ثم تحرك عيينة بمن أطاعه من غطفان محاولًا إمداد يهود خيبر ومساندتهم ضد المسلمين، إلا أنه لم يصل خيبر حتى وجد النبي - صلى الله عليه وسلم - قد استولى عليها كلها كما سيأتي تفصيله إن شاء الله.