للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بني سليم (١) فقال: يا رسول الله، ائذن لي حتى أذهب فآخذ مالى عند امرأتى، فإن علمت بإسلامى لم آخذ منه شيئًا، فأذن له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: لا بد لي يا رسول الله من أن أقول. فأذن له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقول ما شاء.

قال الحجاج: فخرجت فلما انتهيت إلى الحرم هبطت فوجدتهم بالثنية البيضاء، وإذا بهم رجال من قريش يتسمعون الأخبار، قد بلغهم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد سار إلى خيبر، وعرفوا أنها قرية الحجاز ريفًا وَمَنعَة ورجالًا وسلاحًا، فهم يتحسّسون الأخبار مع ما كان بينهم من الرهان، فلما رأونى قالوا: الحجاج بن علاط عنده والله الخبر! ، يا حجاج، إنه قد بلغنا أن القاطع (٢) قد سار إلى خيبر بلد اليهود وريف الحجاز. فقلت: بلغني أنه قد سار إليها، وعندى من الخبر ما يسرُّكم. فالتبطوا (٣) بجانبي راحلتى يقولون: يا حجاج أخبرنا، فقلت: لم يلق محمد وأصحابه قوما يحسنون القتال غير أهل خيبر. كانوا قد ساروا في العرب يجمعون له الجموع، وجمعوا له عشرة آلاف، فهُزِمَ هزيمة لم يسمع قط بمثلها، وأُسِرَ محمد أسرًا. فقالوا: لن نقتله حتى نبعث به إلى أهل مكة فنقتله بين أظهرهم بمن قتل منا ومنهم! ولهذا فإنهم يرجعون إليكم يطلبون الأمان في عشائرهم ويرجعون إلى ما كانوا عليه، فلا تقبلوا منهم وقد صنعوا بكم ما صنعوا، قال: فصاحوا بمكة وقالوا: قد جاءكم الخبر، هذا محمد إنما ينتظر أن يقدم به عليكم وقلت: أعينونى على جمع مالى على غرمائى، فأنا أريد أن أقدم فأصيب من محمد (٤) وأصحابه قبل أن تسبقنى التجار إلى هناك. فقاموا فجمعوا إليّ مالى كأحسن جمع سمعت به، وجئت صاحبتى (زوجته) وكان لي عندها مال فقلت لها: مالى، لعلى ألحق بخيبر فأصيب من البيع قبل أن يسبقنى التجار إلى من انكسر هناك من المسلمين.


(١) بنو سليم الذين بن منهم الحجاج بن علاط، تقع منازلهم في المنطقة التي فيها وادي فاطمة، وهذا يعني أن معدن الذهب المشار إليه هو في هذه المنطقة من الحجاز.
(٢) يعنون قاطع الأرحام أي النبي - صلى الله عليه وسلم -.
(٣) التبط القوم به. قال في القاموس المحيط: أي طافوا به ولزموه.
(٤) في سيرة ابن هشام: من فل محمد، والفل (بفتح أوله) القوم المنهزمون.

<<  <  ج: ص:  >  >>